ما حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام؟

السؤال:

يقولون: إن الإسلام قد ظلم المرأة في إعطائها حقوقها، والإسلام يفضل الرجل على المرأة، كقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء:34] فهل معنى هذه الآية تفضيل الرجال على النساء؟

وأرجو أن توضحوا قضية المرأة وحقوقها ومكانتها في الإسلام. 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم. 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فالقائلون بأن الإسلام ظلم المرأة؛ قد أخطئوا كثيرًا، وغلطوا غلطًا كبيرًا، فإن الإسلام هو الذي أنصفها، ورفع مكانتها، وكانت مظلومة في الجاهلية بين العرب، وفي اليهودية والنصرانية وغير ذلك من سائر الأديان الباطلة، والإسلام هو الذي رفعها، وعظم شأنها، وأنصفها وأعطاها حقوقها، فجعلها أمًا كريمة، وزوجة كريمة، وبنتًا مرحومة معطوفًا عليها، ينفق عليها، ويحسن إليها، حتى تستقل بنفسها، أو تتزوج، وأمر بالإنفاق عليها، وألزم والدها بالإنفاق عليها، وزوجها بالإنفاق عليها، وإحسان عشرتها، وأمر الدولة الإسلامية أن تنصفها، وأن تعطيها حقوقها، وأن تمنع من العدوان عليها، وجعل لها قيمة متى قتلت قتل بها الرجل، ومتى أصيب منها شيء أعطيت حقها في ذلك، سواء كان المصاب عضوًا، أو غير ذلك.

أما قوله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] فالأمر فيها واضح، الله سبحانه فضل الرجال على النساء؛ لأن جنس الرجال أقوى في الجملة على أداء الحقوق، وعلى جهاد الأعداء، وعلى رفع الظلم، وعلى الإحسان إلى الأولاد والنساء وحمايتهم من الأذى والظلم، إلى غير هذا مما هو معروف شرعًا وفطرة وحسًا، أن الرجال أقوى وأقدر على ما ينفع المجتمع من النساء في الجملة.

ثم الرجال ينفقون أموالهم في الزواج بإعطاء المهور، وفي الإنفاق على الزوجات، وفي حمايتهن مما يؤذيهن، والعطف عليهن، فالرجال لهم حق كبير من الجهتين؛ من جهة تفضيل الله لهم على النساء لما هو معلوم من كون الرجال أكمل وأقدر على كل شيء في الجملة، وأكمل عقولًا، وأتم نظرًا في العواقب والمصالح في الجملة؛ ولأنهم أنفقوا أموالهم في تحصيل الزوجات من مهر وغيره؛ ولهذا قال سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34].

ولا يلزم من هذا أن يكون كل رجل أفضل من كل امرأة، وإنما هذا تفضيل في الجملة، أما بالتفصيل: فقد تكون امرأة أفضل من رجل، هذا أمر واقع ومعلوم، ولكن في الجملة جنس الرجال مفضل على جنس النساء، وهذا يعرف بالشرع وبالعقل وبالفطر وبمعرفة الواقع والتجارب، ولكن كم لله من امرأة أفضل من رجل بسبب علمها ودينها واستقامتها وبصيرتها، ومن نظر في صفات الصحابيات والتابعيات، وعلماء هذه الأمة من النساء؛ عرف أن هناك نساءً طيبات يفضلن على كثير من الرجال، وقال -عليه الصلاة والسلام-: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا: آسية ابنة مزاحم -زوجة فرعون-، ومريم ابنة عمران وجاء في فضل فاطمة بنت النبي ﷺ وفضل خديجة -رضي الله عنها- وعائشة -رضي الله عنها-، ما يدل على اختصاصهن بالفضل أيضًا، فهؤلاء الخمس هن أفضل النساء: خديجة وعائشة من أمهات المؤمنين، وفاطمة ابنة النبي ﷺ، ومريم بنت عمران أم المسيح عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وآسية ابنة مزاحم زوج فرعون، هؤلاء النسوة الخمس هن خير النساء، وهناك نساءٌ كثيرات لهن فضل، ولهن علم، ولهن تفضيل على كثير من الرجال.

لكن حكمة الله اقتضت تفضيل الرجل على المرأة في أشياء معينة أيضًا: كالإرث، فإن البنت تعطى نصف ما يعطى الذكر من الأولاد، والأخت من الأبوين أو الأب تعطى نصف ما يعطاه الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، والزوجة تعطى النصف مما يأخذه الزوج، فإذا أخذ الزوج النصف صار لها الربع، وإذا أخذ الزوج الربع صار لها الثمن، وهذه لحكمة بالغة، ومعانٍ إذا تدبرها ذو البصيرة عرف وجاهتها، وحكمة الله فيها، وأنه سبحانه هو الحكيم العليم، فكل موضع فضل فيه الرجل على المرأة فله وجاهته، وله أسبابه، وله حكمته لمن تدبر وتعقل، والله المستعان، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة