حكم الذبح للولي إذا رزق العبد مولوداً

السؤال:

من بغداد الأعظمية حي تونس رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: (ع. خ. م) عرضنا سؤالًا له في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يقول: ما رأي سماحة الشيخ في العائلة التي عندما يولد لها مولود تقوم بذبح شاة لأحد الأئمة دون الله، وذلك لنذر كانوا قد نذروه، علمًا أنهم يذبحون للذكر فقط، ولا يذبحون للأنثى، وهل على المولود بعد بلوغه من ذنب؟ ماذا عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

هذا من الشرك الأكبر، والواجب على من فعله التوبة إلى الله، ثم الندم، وعدم العود إلى ذلك، كونه ينذر ذبيحة للولي فلان، إذا جاءه ولد هذا شرك أكبر -نعوذ بالله- فالنذر عبادة لله  فالذي يفعل هذا عليه التوبة إلى الله، وعدم العودة إلى مثل هذا، وأما الطفل فليس عليه شيء؛ لأنه ليس من عمله والله يقول سبحانه: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] لكن الذي فعل من رجل أو امرأة عليه التوبة، والرجوع إلى الله، والندم على ما مضى، وألا يعود إلى ذلك، والله يقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، فدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله من الأولياء والأنبياء من أصحاب القبور، أو الاستغاثة بالجن أو بالملائكة أو بالنجوم والكواكب كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله .

وهكذا النذر لهم والذبح لهم، كونه ينذر للأموات، أو للملائكة أو للجن، أو للكواكب، ليشفعوا له، أو يخلصوه من النار، أو يشفوا مريضه، أو يردوا غائبه، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر.

يقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي( يعني: ذبحي )وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] ويقول سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ويقول : وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [البقرة:270].

فالنذر عبادة التزام بعبادة الله من صدقة، أو صلاة، أو غير ذلك لا تجوز إلا لله وحده  فالذي ينذر ذبيحة إن رزقه الله مولودًا ذكرًا للبدوي، أو للشيخ عبدالقادر، أو للنبي ﷺ أو للحسن أو الحسين، أو علي بن أبي طالب أو لغيرهم، هذا يعتبر من الشرك الأكبر.

وهكذا لو قال: يا علي انصرني، أو اشف مريضي، أو يا سيدي الحسين أو الحسن، أو يا رسول الله، أو يا سيدي عبدالقادر، أو ما أشبه ذلك، انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك وحسبك، أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر.. كل هذا من عبادة غير الله  والله يقول -جل وعلا-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] ويقول سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] ويقول : فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14] ويقول : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] ويقول سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] ويقول : وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: من المشركين، والآيات في هذا كثيرة.

ويقول النبي ﷺ: الدعاء هو العبادة والله يقول سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] فالواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المكلفين الحذر من ذلك، وأن تكون العبادة لله وحده، كما قال : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] وقال: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، فهو الذي يدعى، وهو الذي يرجى  هو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور دون غيره .

نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرعه، الله المستعان، نعم.

المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة