حكم زيارة الأولياء والتقرب لهم

السؤال:

هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة وحينئذٍ يكون هناك شرك بالله؟

الشيخ: أعد.

المقدم: يقول: هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة، وحينئذٍ يكون هناك شرك بالله إذا وضعت أو حملت له في مرة قادمة خروفًا لهذا الولي ومبلغ معين من المال؟

الجواب:

الولي علمه عند الله ، والمؤمنون كلهم أولياء الله، وما يظنه بعض الخرافيين بأن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان، من بعض الخرافات، وخرق العادات، ونحو ذلك، فهذا ليس بصحيح، فكثير من الأولياء لا يجري على أيديهم خرق للعادات، فأولياء الله هم أهل الإيمان، وإن لم توجد لهم كرامات خاصة، قال الله -جل وعلا-: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[يونس:63] قال سبحانه: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ[الأنفال:34].

فالمؤمن ولي لله سواء كان عربيًا أو أعجميًا، ذكرًا أو أنثى، عالمًا أو غير عالم، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد، أو في بيوتهم، التزاور بين المؤمنين سنة، قربة وطاعة، جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: يقول الله : وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتحابين فيَّ، والمتباذلين فيَّ ويقول ﷺ: يقول الله -جل وعلا- يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.

فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته، أو في المسجد، وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة، كأن تزور أخاها، أو عمها، أو خالها، أو قريبًا لها، أو جارًا لها مريضًا تعوده أو تسأله عن علم مع التحجب، ومع عدم الخلوة لا بأس بذلك، فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون، وتزوره أخته المؤمنة على وجه شرعي ليس فيه ريبة، ولا فتنة مع التستر، والحجاب، وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة المريض، أو سؤال أهل العلم، أو غير هذا من المقاصد الشرعية.

أما أن يذبح له من دون الله، أو يدعى من دون الله لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون هذا باطل، هذا من الشرك الأكبر، سواء كان حيًا أو ميتًا، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه، أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يتصرفون في الكون، هذا شرك أكبر، حتى ولو ما تقرب لهم، هذا الاعتقاد نفسه شرك أكبر، نسأل الله العافية.

فإذا ذبح لهم إبلًا أو بقرًا أو غنمًا أو دجاجًا، أو غير ذلك هذا شرك أكبر أيضًا، وإذا استغاث بهم، وقال: يا سيدي فلان المدد، أو اشفع لي، أو اقض حاجتي، أو أغثني، يقولها عند قبره، أو بعيدًا عنه، كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان يقوله لحي حاضر قادر يقول: ساعدني على كذا، اشفع لي عند فلان، أو ساعدني على قضاء ديني، أو ساعدني على كف شر فلان بن فلان، حتى يشفع له حتى يتصل به، ويقول له: دع فلانًا، لا تؤذ فلانًا، هذه أمور عادية لا بأس، كما قال الله -جل وعلا- في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[القصص:15].

فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفد، أو العون أو المساعدة بالمشافهة، أو بالمكاتبة، أو من طريق الهاتف، أو من طريق البرق برقية، أو ما أشبهه لا بأس بهذا، أما أن يدعوه من دون الله يعتقد أنه ولي لله، وأنه يتصرف في الكون يدعوه من بعيد، أو يدعوه عند قبره، أو يقدم له ذبائح، أو يستغيث به، أو ينذر له وهو ميت أو غائب هذا شرك أكبر.

فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم، أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس فيما بينهم، كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان أقرضني كذا، أو ساعدني على كذا، أو عاوني في إصلاح سيارتي، أو في بناء بيتي، وهو حاضر يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الهاتف، يعني: التلفون، أو من طريق البرق إلى البرق، أو من طريق حسي، وطريق أخرى تكلمه منه هذا كله لا بأس به؛ لأنها أمور عادية، وقد جرى للناس الآن اتصالات هاتفية، واتصالات رسمية كانت لم تكن قبل ذلك، وقد وقعت الآن، فإذا كان الاتصال بالشيء الحسي المعروف، سواء سمي هاتفًا، أو سمي باسم آخر تلكس، أو غير ذلك كل ذلك من الأمور الحسية فيما يقدر عليه الإنسان.

أما أن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون، أو أنه يعلم الغيب، فهذا كفر وشرك أكبر، أو يتقرب لقبر، للميت يتقرب إليه بالذبائح، أو يستغيث به، أو ينذر له، أو يذبح له قرابين كل هذا شرك أكبر، فيجب التفريق بين ما جاز شرعًا، وما حرم الله شرعًا، نسأل الله للجميع الهداية.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة