الكيفية الصحيحة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

السؤال:
المستمع (ن. ن. ن) بعث بعدد من الأسئلة يسأل في أحد أسئلته عن الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما هي الحكمة المقصودة في مثل هذا المقام؟

الجواب:
هذا سؤال عظيم وجدير بالعناية؛ لأن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر من أهم الواجبات ومن فرائض الإسلام، ولأن القيام بذلك من أهل العلم والإيمان والبصيرة من أعظم الأسباب في صلاح المجتمع وسلامته من عقاب الله سبحانه واستقامته على الصراط المستقيم.
ولهذا يقول سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] فجعلهم خير أمة بسبب هذه الأعمال الطيبة، وقال سبحانه: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104] وصفهم بالفلاح لهذا الأمر العظيم لدعوتهم إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فجعلهم مفلحين بعملهم الطيب، والفلاح: هو الحصول على كل خير، الحصول على أسباب السعادة، وقال : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] فوعدهم الرحمة على أعمالهم الطيبة التي منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا يدل على أن هذا هو الواجب على المؤمنين والمؤمنات ليس خاصًا بأحد دون أحد، بل هذا هو الواجب على المؤمنين والمؤمنات وهو من صفاتهم العظيمة وأخلاقهم الكريمة لكن يكون بالحكمة، يكون بالعلم لا بالجهل ولا بالعنف والشدة ولكن بالعلم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عن علم وعن بصيرة بما أمر الله به وما نهى الله عنه، فالمعروف هو ما أمر الله به ورسوله، والمنكر هو ما نهى الله عنه ورسوله.
فالواجب على الآمر الناهي أن يكون ذا بصيرة أن يكون على علم سواء كان رجل أو امرأة لابد أن يكون على علم وإلا فليمسك حتى لا يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108] يعني: على علم، ويقول سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] والدعوة إلى الله من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه بيان الحق وإظهاره للناس، فالآمر كذلك يدعو إلى الله والناهي كذلك إلا أن الآمر والناهي قد يكون عنده من السلطة ما يردع المنكر ويلزم بالمعروف، والداعي إلى الله أوسع من ذلك يبين للناس ويرشدهم إلى الحق وقد لا تكون عنده سلطة للإلزام.
فالحاصل أن الواجب على الداعي إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على علم وأن يكون على بينة وعلى بصيرة حتى لا يأمر بما يخالف الشرع، وحتى لا ينهى عما هو موافق للشرع.
والواجب أيضًا أن يكون برفق وعدم عنف وعدم كلمات بذيئة، بل يكون بكلام طيب وأسلوب حسن ورفق كما قال الله : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159] وقال سبحانه لـموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44] فالآمر الناهي يرفق بالناس ويأمر بالألفاظ الحسنة وينهاهم بالألفاظ الحسنة حتى يكون ذلك أقرب إلى قبول أمره ونهيه والاستفادة من ذلك إلا من ظلم وتعدى وأبى فهذا له أسلوب آخر من التعنيف والتأديب إذا لم يلتزم بالأمر بالمعروف ولم ينته عن المنكر، أما في أول الأمر فإنه يخاطبهم بالتي هي أحسن ويرشدهم وينصحهم حتى يلتزموا الحق، فمن عاند وأبى فله حال أخرى من جهة إجراء ما يستحق من تعنيف ومن تشديد وتأديب أو سجن أو غير ذلك مما يقتضيه الشرع المطهر، والله المستعان. نعم.
المقدم: الله المستعان على كل حال، جزاكم الله خيرًا. 
فتاوى ذات صلة