نصيحة لمن ابتلي بكثرة النسيان

السؤال:

رسالة وصلت إلى البرنامج من الموصل في الجمهورية العراقية حي العامل، وباعثها مستمع من هناك يقول أخوكم في الإسلام: (س. ف. ع)، رسالته من صفحتين، لخصت ما في هاتين الصفحتين في العبارة التالية يقول: كيف أعالج كثرة النسيان، إذ أني أنسى كثيرًا ما أحفظ من القرآن، أو الأحاديث، أو الأدعية المأثورة؟ 

الجواب:

عليك أن تعالج ذلك بأمور، منها: سؤال الله، والضراعة إليه، والاجتهاد في ذلك أن يعينك على حفظ كتابه، وأحاديث رسوله ﷺ وعلى حفظ كل ما ينفعك، تسأله كثيرًا فهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم [غافر:60]، وهو القائل -جل وعلا-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، فاضرع إليه دائمًا -جل وعلا- واسأله أن يعينك، وأن يمنحك الحفظ لكتابه العظيم، وسنة رسوله الأمين -عليه الصلاة والسلام- ولكل ما ينفعك، في سجودك، وفي آخر التحيات، وفي صلاة الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند جلوس الخطيب يوم الجمعة، إلى أن تقضى الصلاة في الأوقات المناسبة، مثل: بين الخطبتين، ومثل السجود في صلاة الجمعة، في آخر التحيات، كل هذه أوقات إجابة، كذلك في آخر النهار من يوم الجمعة بعد العصر، إذا جلست تنتظر المغرب فادع ربك فإنه وقت إجابة.

الثاني: الإكثار من الدراسة والعناية، تدرس ما تحفظ من كتاب الله، تعتني به في أوقات معينة، ترتبها وتدرس ما حفظته؛ لأن الدراسة من أسباب الحفظ، وهكذا الأحاديث تدرسها، وتعتني بها، إذا أبطأت عنها قد تذهب عليك، يعني تجتهد في دراستها، ومراجعتها بين وقت وآخر، وكلما قرب الوقت فهو أولى وأقرب إلى الحفظ حسب طاقتك.

الأمر الثالث: الحذر من المعاصي والسيئات، المعاصي شرها عظيم، ومن أخطر الأشياء على حفظك وعلى فهمك أيضًا، ومن هذا قول الشافعي رحمه الله:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاصي

فهذا علاج عظيم، الحذر من المعاصي، والبعد عنها من الغيبة والنميمة، والتثاقل عن الصلوات، عقوق الوالدين أو أحدهما، قطيعة الرحم، أكل الربا، الكذب، إيذاء المسلمين بكلامك، أو فعالك، إلى غير هذا من المعاصي، احذرها، وابتعد عنها، وتب إلى الله مما سلف من ذلك، ومن هذا قول مالك -رحمه الله- للشافعي -رحمه الله- لما جلس بين يديه، ورأى مالك من الشافعي الحرص والفهم الجيد قال: "إني أرى أن الله سبحانه قد ألقى عليك من نوره، فاحذر أن تطفئ هذا النور بالمعاصي".

فالمقصود: أن المعاصي من أسباب ظلمة القلب، وذهاب نور القلب، ومن أسباب سوء الحفظ، وسوء الفهم، ومن أسباب كل شر، قال تعالى وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

فالمعاصي شرها عظيم، وعواقبها وخيمة، فالواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر منها، والبعد عنها، والتوبة إلى الله من سالفها.

والرابع: الحذر من خلطة أهل الشر، فإن خلطتهم من أسباب الشر، وهي من جملة المعاصي، فالخلطة لأصحاب الشر وأصحاب القيل والقال والكلام الفارغ تنسيك الخير، فاحذر صحبة الأشرار، وصحبة أهل الفراغ والبطالة الذين لا مهمة لهم إلا القيل والقال والسواليف التي لا فائدة فيها، فإن هذا ينسيك ما أنت حريص عليه من كتاب ربك، وسنة نبيك -عليه الصلاة والسلام- نسأل الله لنا ولك التوفيق.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة