توجيه لمن يكثر التصدُّق ويقصر في نفقة أهله

السؤال:

من القصيم رسالة وقع صاحبها في نهايتها بالحرفين (م. م) يقول في رسالته: والدي متزوج من أربع نساء، وله أربعة عشر ولدًا وعشرون بنتًا، فمجموع الأولاد أربعة وثلاثون، والمشكلة كما يقول: إن أبي لا ينفق علينا إطلاقًا جميعًا بما في ذلك جدتي (والدته).. ثم يستمر في وصف والده فيقول: إنه غني غناء فاحشًا -كما يقول- ويملك عقارات كثيرة، وبنى ستة مساجد بتكلفة أربعة ملايين ريال تقريبًا، وهو يزكي، ويصلي، ويتصدق كثيرًا، ويساعد المحتاجين، ولكنه معنا على العكس من الآخرين، وعندما ناقشته؛ برر تصرفه بقوله: عندما أموت سوف تنسونني .. ويستمر في رسالته على هذا المنوال، ويرجو من سماحتكم التوجيه له، ولإخوته، ولوالده. 

الجواب:

ما ذكرته عن والدك من الأعمال الطيبة يسر كل مسلم، فجزاه الله خيرًا، وتقبل منه أعماله الطيبة في تعمير المساجد، والصدقة على الفقراء، والمحاويج، أما ما يتعلق بنفقته على زوجاته، وأولاده فهذا غلط، لابد أن ينفق على زوجاته، بل يجب عليه أن ينفق على زوجاته، والله -جل وعلا- أوجب عليه ذلك، قال -جل وعلا-: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] يعني: الوالدات، يعني: الزوجات، وقال النبي ﷺ في الحديث الصحيح لما ذكر الزوجات قال: ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف.

فالواجب عليه أن ينفق عليهن بالمعروف، هذا واجب عليه، وحق عليه، وكذلك أنتم إذا كنتم قاصرين فقراء؛ وجب عليه أن ينفق عليكم، على الذكور والإناث جميعًا، على الوالد أن ينفق على أولاده إذا كانوا محاويج.

أما من كان فيكم غني، مستغني عن والده، عنده أسباب تقوم بحاله؛ فلا يلزم والده النفقة عليه، إنما ينفق على المحتاج، فإذا كان بعض البنات قد تزوج، واستغنى بالزوج، أو عندها مال، وعندها وظيفة، وهكذا الأولاد إذا كان عندهم وظائف، أو أكساب أخرى تغنيهم؛ فلا يلزمه أن ينفق عليهم.

أما ما يتعلق بالورث فهذا الله هو الذي أعطاكم إياه، ما هو الذي أعطاكم هو، إذا مات وأنتم موجودون فلكم الورث أغنياء، أو فقراء، لكن عليه في الحياة أن يتقي الله، وأن يراقب الله سبحانه، فينفق على من يستحق النفقة منكم لفقره وحاجته، وعلى الزوجات أيضًا مطلقًا، ومن كان منكم غنيًا من ذكر وأنثى؛ فلا يلزمه ذلك، لا يلزمه الإنفاق عليه؛ لأنه مستغنٍ بما أعطاه الله من المال. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.  

فتاوى ذات صلة