نصيحة لفتاة مصابة بحالة نفسية

السؤال:

إحدى المستمعات من الأردن، بعثت برسالة طويلة بعض الشيء، أستأذن سماحة الشيخ في قراءتها كاملة تقول:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: 

تقول عن نفسها: أنا فتاة في الثانية والعشرين من عمري، أصبت بمرض نفسي ضيق علي الحياة من جميع أبوابها، وجعلني أشعر بيأس قاتل، يأس من الشفاء من هذا المرض، وهو انعدام الشخصية، فبعد تجربتي المريرة مع هذا المرض اكتشفت أن كل مصائب الدنيا أهون منه، فقد انفصلت عن الواقع الذي يعيشه الناس انفصالًا كاملًا، فأصبحت لا أحس بمشاعر الإنسانية التي يحسونها من فرح وحزن وسرور وحب وكره، فكيف تتصورون إنسانًا بدون مشاعر، وأنا دائمًا أعترف بأنني ظلمت نفسي إذ أوقعتها في هذا المرض، وضيعت شخصيتي لأسباب تافهة، لا داعي لذكرها. 

وسؤالي هو: إنني كثيرًا ما تنتابني حالات يأس كامل من الحياة، وهذا ليس مني، ولكن من شدة الألم النفسي الذي أعانيه من جراء هذا المرض القاتل، فهل هذا قنوط من رحمة الله أعاقب عليه؟ خاصة وأنني دائمًا أعترف بيني وبين نفسي أنني أنا الذي ظلمت نفسي، ودائماً أدعو الله العلي القدير أن يقدر لي الشفاء من هذا المرض، وحالة اليأس هذه تجعلني أفكر في الانتحار، لكن أرجع فأتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهل أعاقب على هذا التفكير أم لا؟

وجهوني، وانصحوني، وأخلصوا لي النصح، وادعوا لي، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأسأل الله أن يمنحك الشفاء، وأن يعيذك من شر نفسك وشيطانك، الواجب عليك أيها الأخت في الله، وأيها الفتاة أن ترجعي إلى الله -جل وعلا-، وأن تتوبي من هذا العمل السيئ، وهذا الظن السيئ، وهذا الشعور السيئ، وعليك أن تستعيذي بالله من الشيطان، وأن تسألي الله أن يعينك على ذكره وشكره، وعلى القيام بحقه، وعلى المباعدة لهذه الظنون، وهذه المشاعر الرديئة، حتى يجيبك سبحانه ويعطيك من فضله ما ترجعين به إلى الحالة الطبيعية، اضرعي إلى الله بصدق، واسأليه أن يمنحك الشفاء في سجودك، وفي آخر الصلاة، وفي وسط الليل في آخر الليل، بعد الأذان قبل الصلاة، كل هذه أوقات عظيمة للإجابة، فلا تيأسي أبدًا، جالسي الأخيار من أخواتك أو عماتك، اجلسي مع الأخيار تحدثي معهم، جاهدي نفسك، وأكثري من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار، واضرعي إلى الله دائمًا بصدق أن يمنحك العافية.

وإياك والانتحار، الانتحار من أعظم الجرائم، ومن أعظم الكبائر، ومن أسباب دخول النار، ولكن عليك بالصدق في الضراعة إلى الله، وسؤاله العافية والشفاء، واختلطي مع الطيبين والطيبات من أهلك، وتحدثي معهم، وشاوريهم، وخذي نصيحتهم، واسألي الله من فضله، اسأليه أن يمنحك الشفاء، واحذري اليأس لا تيأسي أبدًا، فضل الله واسع، وهو سبحانه القائل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] وهو الجواد الكريم ، ومتى صدقت في ذلك فأبشري بالخير، وقولي أيضًا: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة كثري هذا، كرري ثلاثًا، وأكثر صباحًا ومساء، دائمًا حتى يزول هذا البلاء، كذلك قولي: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات، صباحًا ومساء كرريها، باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم واقرئي آية الكرسي، اقرئيها بعد كل صلاة وعند النوم، فهي من أعظم الأسباب للعافية من كل سوء.
وهكذا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتان، اقرئيها كلها ثلاث مرات صباحًا ومساء، صباحًا بعد الفجر ومساء بعد المغرب، وعند النوم ثلاث مرات، وبعد الظهر والعصر والعشاء مرة واحدة، تقرئين هذه السور الثلاث، كل هذا من أسباب العافية والشفاء كما جاء عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.

فالحاصل: أن عليك حسن الظن بالله، والصدق مع الله، وسؤاله العافية والشفاء من هذا البلاء، وعليك أن تكثري من ذكر الله وتسبيحه وتهليله وتحميده والاستغفار والدعاء بطلب العافية، وعليك أن تجلسي مع الأخيار، مع الطيبات، من أهل بيتك للتحدث والأنس بهم والمشاورة والنصيحة، نسأل الله لك العافية والتوفيق.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة