حكم قطيعة الأب لابنته

السؤال:

أعيش مع زوج أمي منذ أن كان عمري سبعة أشهر فقط، والآن عمري اثنتان وعشرون سنة، وأنا لا أعرف والدي، ولم أره في حياتي، وهو لا يعرفني، ولا يعرف شيئًا عني، ولا ينفق عليّ، وفي الفترة الأخيرة سكنت في نفس المنطقة التي يسكن فيها هو، وأيضًا لم يحاول رؤيتي أو حتى السؤال عني، وأنا إنسانة أخاف الله كثيرًا، وأبكي لعلمي بنتيجة قاطع الرحم، وأنا فتاة ومحكومة من أهلي، وهو رجل حر نفسه؛ لذلك لا أستطيع زيارته، فكيف أزور رجلًا إن رأيته بطريق لا أعرفه، فبماذا تنصحني؟

جزاكم الله عني خير الجزاء.

الجواب:

لا ريب أنّ هذا العمل منكر منه، وقطيعة للرحم، والواجب عليه تقوى الله في ذلك، وأن يصل ابنته، ويحسن إليها، ويعرفها نفسه، وأن يظهر حنو الأبوة؛ حتى تعرفه ابنته، وحتى يبر ابنته، ويصل رحمه، وعليها هي أن تبره وتصله ولو جفا، وعليها أن تزوره مع من يعرفها به؛ حتى لا تغلط فيه، تزوره مع أخيها الذي يعرفه، أو مع أمها، أو مع خالتها، مع من يعرفها به؛ حتى تعرفه جيدًا، ولا تكن مثله قاطعة، بل تكون خيرًا منه، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.

فهي إذا وصلته تكون هي الواصلة وهو القاطع، ويكون لها أجر الصلة، وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: لا يدخل الجنة قاطع رحم وقال ﷺ عن الله أنه قال للرحم لما اشتكت إليه قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: إن ذلك لك وفي اللفظ الآخر قال -جل وعلا-: من وصلك -يعني: الرحم- وصلته، ومن قطعك بتته هذا وعيد عظيم، وقال -عليه الصلاة والسلام-: من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أجله؛ فليصل رحمه.

فالواجب عليه أن يصلك، ويحسن إليك، ويتعرف عليك، ويقوم بواجب الأبوة، وعليك أنت ما هو أكبر من ذلك؛ لأنك بنته وحقه أكبر، فعليك أن تتعرفي عليه بواسطة الثقات من أمك أو أخيك ونحو ذلك، وعليك أن تصليه وتزوريه وتعتذريه إن كنت قصرت في حقه، وأنه إنما هجرك لأسباب فاعتذري إليه، وأحسني مخاطبته، واسأليه أن يعفو عما قصرت فيه.

هذا هو الواجب عليك أن تكوني أكثر عناية بالصلة منه؛ لأن حقه أكبر؛ ولأن الواصل هو الذي يبدأ ليس الذي يكافئ، وإن كان المكافئ مأجور، لكن أفضل منه، وأعظم أجرًا الذي يصل من قطعه، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة