حكم قراءة سورة الفاتحة في العزاء

السؤال:

هذا سؤال من المستمع محمد مختار أحمد من السودان، يقول: عندنا بعض العادات في العزاء؛ ومنها: أن يرفع الناس أيديهم لأهل الميت، ويقولون: الفاتحة، ويقرؤون سورة الفاتحة، فهل هذا جائز أم لا؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فالمشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت بالتوفيق بالصبر والاحتساب وعظيم الأجر وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل.

رفع الأيدي ما ندري ما مراده؛ فإن كان المراد به المصافحة عند اللقاء فهذا لا بأس به، هذا مشروع كونه يصافح المعزى إذا كان رجل أو كانت امرأة ذات محرم له كخالته وعمته وأمه ونحو ذلك، فلا بأس أن يصافح المعزى، ويقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وجبر مصيبتك. هذا كله طيب، يقال هذا للرجل والمرأة جميعًا، فيصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرمًا له كأخته وعمته وخالته.

أما النساء غير المحارم فلا يصافحن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء غلط لا يجوز، يقول النبي ﷺ: إني لا أصافح النساءوتقول عائشة رضي الله عنها: «ما مست يد رسول الله يد امرأة قط - يعني: في البيعة- قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام».

فهذا يدلنا على أن المرأة الأجنبية ليس للرجل أن يصافحها، ولكن لا بأس بمصافحة المرأة ذات المحرم كأمه وجدته وخالته وعمته ونحو ذلك، عند العزاء وعند اللقاء لا بأس في ذلك عند المقابلة إذا قابل خالته أو عمته إذا زارها صافحها ودعا لها، أو عند العزاء صافحها ودعا لها، وهكذا إذا قابل الرجل عند اللقاء في الطريق أو زاره في البيت وصافحه كل هذا طيب، وهكذا عند العزاء يصافحه ويدعو له.

أما إن كان رفع أيدي على غير هذه الطريق رفع أيدي إلى السماء من غير مصافحة هذا لا أصل له.
وهكذا قراءة الفاتحة عند لقاء المعزى ليس له أصل بل هو من البدع. نعم.

المقدم: كذلك يقول: إنهم يجتمعون ويقرؤون الكتاب على أساس أن ثوابه يمشي للميت، وأيضًا عندما يمرون بالمقابر يرفعون أيديهم ويقرؤون سورة الفاتحة ترحمًا على الأموات فهل هذا جائز ؟

الشيخ: وهكذا اجتماعهم على القراءة وقت العزاء هذا كله لا أصل له إنما يعزي وينصرف يعزي ويدعو لهم وينصرف، أما اجتماعهم عند أهل الميت على قراءة القرآن، أو على قراءة أشياء أخرى، أو للأكل والشرب هذا ليس له أصل، وإنما السنة أن جيران أهل الميت أو أقاربهم يبعثون لهم طعامًا كما فعله النبي ﷺ لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب حين قتل في مؤتة في الشام قال النبي ﷺ لأهله: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم هذا هو الأفضل وهذا هو السنة.

أما كون أهل الميت يصنعون طعامًا ويجمعون الناس على القراءة أو على دعاء أو على غير ذلك فهذا ليس من السنة، قال جرير بن عبد الله البجلي : «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة» فهذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبغي وليس من المشروع بل هو خلاف المشروع .نعم.

المقدم: بالنسبة لرفع أيديهم وقراءة الفاتحة فوق المقابر؟

الشيخ: كذلك عند المقابر هذا لا يجوز أيضًا وليس له أصل، لا ترفع الأيدي عند المقابر ولا يقرأ القرآن بين القبور، ولا عند زيارة المقابر ليس له أصل هذا، ولكن السنة أن يدعو للموتى ويستغفر لهم، كان النبي ﷺ إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية وفي رواية أخرى: يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم هكذا عليه الصلاة والسلام.

فهذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفعوا الأيدي إلى السماء أو إلى أي إشارة فهذا شيء لا أصل له.

المقدم: جزاكم الله خير الجزاء.

فتاوى ذات صلة