عدة الحامل والفرق بين البينونة الصغرى والكبرى

السؤال:

هذه رسالة من السائلة هيام هشام غولي، من العراق، محافظة البصرة، في الواقع رسالتها مطولة، ولكن لا تتضح الصورة إلا بقراءتها، تقول:

طلقني زوجي وأنا في بداية الشهر التاسع من الحمل عند قاضي المحكمة الشرعية في بلدنا، وردد زوجي صيغة الطلاق بعد القاضي، ومن ضمن هذه الصيغة أنه قال: طلقة واحدة رجعية، ثم بعد مضي ثمانية عشر يومًا من الطلاق وضعت حملي البكر، ثم ذهبنا أنا ووالدتي وزوجي إلى الشيخ لترديد صيغة الطلاق ثانية عنده؛ لأننا لا نبقي على عقد المحكمة، أو طلاقها إلا بعد ترديد الصيغة عند الشيخ، بالرغم من أن الصيغتين لا تختلفان جوهريًا عن بعضهما، إلا أن صيغة الشيخ تكون مطولة أكثر من لفظ القاضي، المهم أننا ذهبنا إلى الشيخ، وهو شيخ جليل، لا أشك في نزاهته، وقبل أن يطلقني سألني عما إذا كنت قد وهبت لطليقي شيئًا من مهري المؤجل، فأجبته بنعم، وأنا بالفعل قد فعلت ذلك مقابل استلام الباقي نقدًا، فعندها قال الشيخ: إذًا طلاقكما يكون خلعيًا، وفعلًا طلقني منه خلعيًا، بالرغم من كراهيتنا نحن الزوجين أنا ووالد طفلي لهذا الطلاق الخلعي، ثم صدقنا ورقة الطلاق التي أخذتها من الشيخ داخل المحكمة واعترفت المحكمة بخلعية طلاقنا، واعتبرته بائنًا بينونة صغرى حسبما ورد في مضمون ورقة الطلاق المصدقة. 

وسؤالي: إن زوجي يرغب في رجوعي له، وأنا كذلك، خاصة وفي رجوعنا حفاظًا على مستقبل ابننا الوحيد، فهل يجوز لي أن أرجع له بالرغم من أن الشيخ طلقنا خلعيًا بعد طلاق المحكمة التي كانت صيغته عبارة عن طلقة واحدة رجعية، مع أن المدة بين الطلاقين كانت ثمانية عشرة يومًا، ولم يرجعني زوجي خلالها، وإنما بقيت مطلقة وملتزمة بالعدة إلى أن وضعت حملي، ثم ذهبنا للشيخ كما بينت سابقًا؟ 

وإذا كان لا يجوز لي الرجوع لطليقي إلا بعد الزواج بآخر وتطليقي منه، فهل يجوز لي أن يكون هذا الزواج صوريًا فقط، ويستمر لمدة قصيرة بعد العقد، ثم يحدث الطلاق؟ وإذا كان هذا أيضًا لا يجوز فهل يجوز لي أن أرجع لوالد طفلي مباشرة دون التزوج بآخر مقابل إعطائي كفارة أو مقابل صيام أو أي عمل آخر ترشدونا إليه؟

أفيدوني -أحسن الله لكم- فمستقبلي وطفلي متوقف على إجابتكم التي أتمنى من الله أن تكون واضحة مبينة كعهدي بإجاباتكم السليمة، ومهما تكن الإجابة فإني لا أجرؤ أن أتعدى حدود الله ، علمًا أنني قد التزمت بالعدة إلى أن وضعت حملي على حسب طلاق المحكمة، ولم ألتزم بالعدة بعد طلاق الشيخ، ولكن عند تصديق ورقة الطلاق المأخوذة من السيد في المحكمة جاء فيها أن علي التزام العدة الشرعية، وحدد تاريخها من تاريخ الطلاق، ولكني لم ألتزم بها، فهل علي كفارة إن وجبت هذه العدة؟

الجواب:

هذا الطلاق يتعلق بالمحكمة، والمحكمة تنظر في الأمر، وهي أعلم بالواقع، ما دام صدر منها الصك، وتولت النظر في الموضوع فهي التي تراجع في هذا، أنت -أيها السائلة- وزوجك تراجعان المحكمة، وتنظر المحكمة فيما يحل ويحرم، وفيها الكفاية والبركة -إن شاء الله-.

ومن المعلوم أن الطلاق إذا كان قبل وضع الحمل، ولم يراجع الزوج فإن المرأة تخرج من العدة بوضع الحمل، متى وضعت الحمل خرجت من العدة، ولم يلحقها طلاق بعد ذلك، إذا كان الزوج لم يراجعها بعد طلاقه الذي وقع منه وهي حبلى، فإذا كان لم يراجعها قبل وضع الحمل فإنها تبين بوضع الحمل، ولا يلحقها طلاق بعد ذلك.
وبكل حال فالمحكمة تنظر في الأمر، وفيما تراه الكفاية -إن شاء الله-، وإذا أحب الزوج أن يراجعني في ذلك وأنا أحيله إلى المحكمة لنعرف الحقيقة، ثم تكون فتوى على ضوء ذلك مني، أو من المحكمة فلا بأس بذلك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

المقدم: لكن قول المحكمة أن هذا الطلاق يعتبر بينونة صغرى؟

الشيخ: هذا على كل حال إذا كانت الطلقة واحدة...، على عوض هي بينونة صغرى، إذا طلقها واحدة أو ثنتين على عوض يسميها العلماء بينونة صغرى، يعني: لا يراجعها، ولكن تحل له بعقد جديد، هذا معنى البينونة الصغرى، يعني: ليس له الرجعة بدون عقد، بل لا بد من عقد جديد مثل المرأة التي طلقها واحدة، أو ثنتين، وخرجت من العدة ليس له مراجعتها بعد العدة، ولكن يحل له نكاحها بعقد جديد، فهكذا إذا طلقها على عوض يسمى خلعًا، ويسمى طلاق خلع، وتسمى الفرقة هذه فرقة بينونة صغرى، يعني: يحلها العقد، ولا تحل بالمراجعة فقط، بل لا بد من عقد جديد، ولكن لا تحتاج إلى زوج جديد، بل يكفي العقد الجديد هذا المراد.

أما البينونة الكبرى فهذه لا يحلها إلا زوج جديد شرعي، يطأ المرأة، يتزوجها ويطؤها، البينونة الكبرى وهي إذا طلقها الطلقة الأخيرة الثالثة، فإن هذه بينونة كبرى لا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا شرعيًا ليس نكاح تحليل، ويطؤها الزوج الجديد، ثم يفارقها بعد ذلك بموت أو بطلاق، فإذا خرجت من العدة بعد ذلك حلت للزوج الأول بعد هذا النكاح الشرعي الجديد الذي فيه الوطء، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة