حكم إرجاع المرأة بعد طلاقها ثلاثًا

السؤال:

هذه رسالة من المستمع (ف. ك) من إيران - طهران، هي في الواقع مطولة، ولكن لعله من الأفضل أن نقرأها كلها حتى تتضح الرؤية.

يقول: أنا رجل متزوج من ابنة خالي قبل ستة عشر عامًا، ولي منها خمسة أولاد، وقد حدث بعد مرور ثلاث سنوات من زواجنا أن حصلت مشكلة، وكنت وقتها في حالة عصبية، ولكني أعي ما أقول، فقلت: أنت طالق ثلاث مرات، وهي ترفض ذلك، وتبين لي بعد ذلك أنها وقت الطلاق كانت حاملًا، وأنا كنت أنوي فراقها إلى الأبد، وبعد يومين جاءت وتوسلت وحاولت العودة، ولكني رفضت ذلك.
الشيخ: أعد، أنت طالق وماذا؟
المقدم: نعم، ثلاث مرات يقول.
الشيخ: أنت طالق؟

المقدم: أنت طالق ثلاث مرات، وتبين لي بعد ذلك أنها وقت الطلاق كانت حاملًا، وأنا كنت أنوي فراقها إلى الأبد، وبعد يومين جاءت وتوسلت وحاولت العودة، ولكني رفضت ذلك، وكررت الطلاق مرة أخرى.

وبعد محاولة منها ومن الأهل واجتهاد من بعضنا في البحث عن حل في هذا الطلاق فقد رجعت وعادت الحياة بيننا طبيعية إلى أن حدث مرة أخرى، وقبل خمس سنوات أن حصلت مشكلة أخرى فغضبت، ولكني أيضًا أعي ما أقول، فقلت لها: أنت السبب في كل هذا، فأنت طالق ثلاث مرات، فجاء الجيران وقال الجميع: فكر في الأطفال ومصيرهم، واعدل عن قرارك؛ لأنك كنت غضبانًا، فقلت لهم: أنا في حالة طبيعية، فاشهدوا فهي طالق ثلاث مرات، وكنت أنوي إيقاع الطلقات الثلاث؛ لئلا تعود الحياة الزوجية بيننا أبدًا.

علمًا بأن الحادثتين الأخيرتين اللتين وقع فيهما الطلاق كانت في طهر جامعتها فيه، لكنها لم تتركني، بل ظلت تحاول وتصر على الرجعة، فخوفًا على ديني قررت السفر من بلدي، وهي لا زالت مع أولادها، ومضى الآن خمس سنوات، ولكن بلغني أنها أصبحت مستقيمة في كل شيء، مؤدية لواجباتها الدينية، وقد كان في بعدي عنها هذه السنين درسًا لها.

فهل بعد هذا يجوز لنا الرجوع إلى بعض بحياة زوجية أم لا؟ فهي تمر بوضع سيئ جدًا من الناحية المادية والاجتماعية، فقد طلب أهلها منها مغادرة بيتهم، والخروج منه، وليس لها أحد إلا الله.

الجواب:

هذا في الحقيقة من السائل تساهل لا يليق، وكان الواجب على السائل أن يسأل أهل العلم قبل أن يعيدها إلى بيته، قبل أن يتصل بها؛ لأن الطلاق الآن طلاق منكر، وطلاق مستوفٍ لشروط إيقاع الطلاق بخصوص الطلاق الثاني، فإنه طلقها الطلاق الأول بالثلاث: أنت طالق، أنت طالق، وهو في حالة عصبية، فهذه الحالة الأولى إن كان قد اشتد بك -أيها السائل- الغضب شدة تشبه فيها فاقد الشعور، تشبه فيها المعتوه، اشتد بك الغضب شدة يعني: لا تستطيع أن تملك نفسك، ولا أن تمتنع من الطلاق، فهذا لا يقع على الصحيح، لكنك تقول: إنك تعي ما تقول، وأنك لست في حالة يعني: تشبه حال فاقد الشعور، ثم إنك بعدما أشاروا عليك، وزال الغضب أبيت إلا أن تعيد الطلاق مرة أخرى، طلقتها وهي حامل، فهي لم تقع إن لم تطلق بالأول طلقت بالثاني الذي زال معه الغضب، فالواجب عليك فراقها، وعدم الرجوع إليها.

أما عودها إليك بعد هذا كله غلط، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، ومن اتصالك بها، عليك التوبة إلى الله، وعليك النفقة على أولادك، عليك أن تنفق عليهم، وتقوم بالواجب، تسكنها وأولادها، وتقوم بواجب النفقة عليها وعلى أولادها؛ لأنها تقوم عليهم، وتحضنهم، وتربيهم، فعليك أن تحسن إلى أولادك وإلى أمهم بقيامها بخدمتهم، وإحسانها إليهم، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، فقد أخطأت خطًأ كبيرًا حيث أعدتها إليك من دون فتوى شرعية من أهل العلم.

والطلاق الأول والثاني، الأول ظاهره الوقوع؛ لأن ما ذكرت من العصبية ذكرت أنك تعي ما تقول، وأنه ليس هناك شيء يعني قد اشتد معك حتى أفقدك شعورك، أو حتى صرت شبه فاقد الشعور، ثم بعد هذا طلقتها عندما أشاروا عليك بالرجوع إليها، وطلقتها طلاقًا مكررًا ثلاثًا، فهذا كله يدل على أنك راغب في تركها، وأنك حريص على إبعادها، وأنه ليس هناك يعني غضب أزال شعورك، أو جعلك شبه فاقد للشعور، فالذي يظهر لنا من هذا الواقع أنها لا تحل لك، وأن الواجب عليك التوبة إلى الله مما سلف منك، والإحسان إليها.

فإذا تزوجت زوجًا شرعيًا وطلقها بعد الدخول بها بعد وطئها حلت لك بنكاح جديد، لكن لا يكون بالتحليل، نكاح التحليل محرم، إذا تزوجها إنسان ليحللها لك هذا لا يجوز؛ لكن إذا تزوجها إنسان راغب فيها، ثم دخل بها، ووطئها، ثم طلقها، أو مات عنها، فإنها تحل لك بعد العدة بنكاح جديد.

هذا هو الذي نرى في هذه المسألة، وهو ظاهر الأدلة الشرعية، والله ولي التوفيق.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة