حكم تحديد المهر

السؤال:

أخونا له سؤال آخر يقول: كان -وإلى عهد قريب جدًّا- يتم عقد الزواج عندنا باثنين جنيه، والآن أصبح بخمسين جنيهًا سودانيًا، مما سبب بعض المشكلات الاجتماعية لدى الكثير من المسلمين الذين لم يقتنعوا بالزيادة الأخيرة، فمنهم من أصر على العقد بالجنيهين، وتزوج بها، ومنهم من تزوج بالخمسين جنيهًا، وقد اعتبر من تزوج بالجنيهين زواجه باطلًا، يدخل في حرمة الزنا، وكل ذلك مرد تفسيره لاعتبارات انخفاض القيمة للجنيه السوداني في الآونة الأخيرة، فكما تعلمون أن العملات قابلة للانخفاض والارتفاع على حسب الحالة الاقتصادية لدى الدول.

فبماذا تنصحون وترشدون أولئك المأذونين الذين يصرون على دفع الخمسين جنيهًا؟ ليتم على أيديهم العقد الصحيح -كما يقولون- وإلا أنهم سوف لن يتحملوا تنفيذ إجراءات العقد، وقد فعل بعضهم وامتنع بالفعل، ثم ماذا يا صاحب السماحة عن الزواج بالفاتحة أو بشيء من القرآن في زماننا هذا، هل يجوز أم لا؟

أجيبونا أثابكم الله.

الجواب:

ليس للمهر حد محدود في الشرع، بل يجوز أن يكون قليلًا وكثيرًا؛ لأن الله قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24] ولم يحدد، والرسول ﷺ لم يحدد؛ ولهذا ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا حد لأقله ولا حد لأكثره، فما تراضى عليه الزوجان وولي الزوجة كفى ولو قليلًا.

وإذا تحدد المهر في قبيلة أو طائفة من الناس، أو في قرية من القرى؛ فينبغي للزوج أن يلتزم بذلك حتى لا تقع المنازعات والخصومات، وإذا سامحته بعد ذلك زوجته، وأسقطت عنه بعض المهر فلا بأس؛ لأن الله يقول سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] فيلتزم بما قرره جماعته؛ حتى لا يقع النزاع بينه وبينهم، ويتفقون مع أهلها أو وليها أنهم سيسامحونه فيما يشق عليه في المستقبل، فإن لم يتيسر ذلك أعانه الله، هذا طريق ينبغي فيه الصبر والتحمل؛ لما فيه من العفة للفرج وإحصانه، وغض البصر، والتسبب في وجود الذرية الصالحة، ينبغي له أن يتحمل.

ولو اتفقوا على مهر قليل؛ صح النكاح، ولم يبطل النكاح، ولو خالف المقرر، لكن لا ينبغي أن يخالف المقرر؛ لأنه يحصل بذلك تشويش، ونزاع بينه وبين جماعته، وربما أفضى إلى شر كثير، فينبغي له أن يلتزم، ثم يطلب من زوجته المسامحة بعد ذلك أو وليها أو من كليهما، أن يسامحوه أو يساعدوه فيما شق عليه من ذلك، وهذا شيء بينهم، داخليًا لا يتعلق بالخارج، الخارج إنما هو الالتزام بالمهر المقرر حتى لا تقع المنازعات والخصومات والأذى، وفي إمكانه بعد ذلك أن يقبل من زوجته وأهلها ما سمحوا عنه، نعم.

فتاوى ذات صلة