معنى حديث «لله أشد فرحًا بتوبة عبده...»

السؤال:
أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع رجب جادين من قطاع ..... الشمالي، أخونا رجب له جمع من الأسئلة من بينها سؤال عن حديث فرح الله بتوبة عبده، حيث يذكر المستمع بعضًا من معاني ذلكم الحديث ويرجو أن تتفضلوا بنصه إذا أمكن وشرح الحديث؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته التي عليها طعامه وشرابه فأضلها في أرض فلاة، فاضطجع قد أيس منها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة على رأسه فلما رآها أخذ بخطامها وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهذا يدل على فضله وإحسانه جل وعلا وأنه سبحانه يحب لعباده أن يتوبوا إليه وأن يستقيموا على طاعته حتى يفوزوا بجنته ونعيمه.
والفرح من الله جل وعلا مثل سائر الصفات كالرضا والغضب والرحمة والمحبة وغير ذلك كلها صفات تليق بالله يجب إثباتها لله على الوجه اللائق به ، وليست من جنس صفات المخلوقين، فغضب الله ليس كغضب المخلوقين، وفرحه ليس كفرحهم، ورضاه ليس كرضاهم، وهكذا رحمته ومحبته وكراهته وسمعه وبصره وغير ذلك كلها صفات كاملة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه ؛ لقول الله في كتابه العظيم: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، ولقوله سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74]، وقوله : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۝ اللَّهُ الصَّمَدُ ۝ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۝ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الإخلاص:1-4].
وهذا هو قول أهل السنة والجماعة قاطبة جميعًا، وهم أصحاب النبي ﷺ ومن تبعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان الذين ساروا على نهجهم وعلى طريقهم واستمسكوا بما كانوا عليه في العلم والعمل، هم أهل السنة والجماعة ومنهم وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي  وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ثم التابعون بعدهم كـمحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب وعطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح وغيرهم من أئمة التابعين رحمة الله عليهم، وهكذا أتباع التابعين كـمالك بن أنس الإمام المعروف رحمه الله وأبي حنيفة رحمه الله، وهكذا من بعدهم كـالشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري وغيرهم من أئمة الإسلام، هؤلاء ومن بعدهم ممن سار على نهجهم هم أهل السنة والجماعة.
كلهم أجمعوا على أن الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت والإيمان بمعناها وأن معناها حق لائق بالله وأنه سبحانه لا يماثل خلقه لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى وذلك هو مقتضى قوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وما جاء في معناها من الآيات والله ولي التوفيق. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا. 
فتاوى ذات صلة