شرح حديث: "إنهما ليعذبان..."

السؤال:

هذا أخونا من اليمن (ع. م. الضالعي )، يقول: سماحة الشيخ! سمعت حديثًا عن رسول الله ﷺ فيما معناه: «بأنه مر على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة، وأما الثاني فكان لا يستبرئ من بوله أو فيما معنى الحديث، سماحة الشيخ! أرجو توضيح هذا الحديث في قوله: كان لا يستبرئ من بوله فأنا عندما أسمع هذا الحديث أخاف كوني أعاني من مشكلة، وهو أنني أشعر بعد البول والوضوء التام للصلاة، وكأن قطرات تنزل مني، ويكون ذلك في الصلاة، وجهوني في ضوء هذا الحديث وشرحه، مأجورين؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فهذا الحديث ثابت عن النبي ﷺ، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، قال: «مر النبي ﷺ على قبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول وفي لفظٍ: لا يستتر من البول فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، ثم غرز على كل قبرٍ واحدة، وقال: لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا.

الحديث المذكور يفيد الحذر من النميمة، وأنها من أخبث الكبائر، ومن أكبر الكبائر، يقول النبي ﷺ: لا يدخل الجنة نمام فالمشي بالنميمة من أسباب عذاب القبر، ومن أسباب حرمان دخول الجنة، وهي: السعي بين الناس بالكلام الردي، كونه ينقل كلام هؤلاء إلى هؤلاء، وكلام هذا إلى هذا، مما يسبب البغضاء والعداوة، هذه النميمة؛ القالة بين الناس، كونه ينقل كلامًا ما هو بطيب من زيد إلى عمرو، أو من جماعة إلى جماعة، فيحصل بهذا من الشر ما يحصل، هذه يقال لها: النميمة، فالواجب الحذر منها.

والذنب الثاني: عدم التنزه من البول، فالواجب على المسلم، والمسلمة العناية بالنزاهة من البول والغائط، فإذا قضى حاجته يجب عليه أن يجتهد حتى يتنزه من بوله، وغائطه بالماء، إذا تيسر الماء، أو بالحجارة بالاستجمار، بهذا أو هذا، إذا استجمر بالحجارة ثلاث مرات، أو أكثر حتى تنزه من البول، أو من آثار الغائط كفى، وإن استنزه بالماء، غسل فرجه بالماء حتى أنقى المحل كفى، والحمد لله.

وإذا كان الإنسان يخرج منه قطرات بعد البول لا يعجل، لا يعجل منه حتى تنتهي القطرات، فإذا انتهت القطرات استنجى، أو استجمر، وليحذر الوساوس، كونه يوسوس في الصلاة، أو بعد الوضوء أنه خرج منه شيء لا يلتفت إلى هذا، الوساوس يجب اطراحها، فإذا علم يقينًا أنه خرج منه شيء؛ يعيد الاستنجاء، يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة.

أما الوساوس بعد الوضوء، أو في الصلاة، أو في الطريق هذه يجب اطراحها، لما سئل النبي ﷺ قال: «يا رسول الله! الرجل يشكل عليه أنه يجد شيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف -لما سئل عن الرجل، يشكل عليه هل خرج منه شيء- قال ﷺ: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا وقال ﷺ: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه شيء، أخرج منه شيء، أم لا؛ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا.

المقصود: أن الرسول ﷺ نهى عن العمل بالوساوس، والحذر منها، فلا يجوز له أن يلتفت إليها؛ لأن هذا يضره والشيطان، يشغله، لكن إذا جزم، وعلم يقينًا أنه خرج بول، أو غائط يستنجي، وإلا فالأصل السلامة، فلو شك واحد في المائة أنه خرج منه شيء، لا يلزمه شيء حتى يعلم مائة في المائة، يعني: بدون أي شك أنه خرج منه بول، أو غائط، وإلا فالأصل السلامة، والبراءة، والحمد لله. نعم. 

فتاوى ذات صلة