شرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة..."

السؤال:

يسأل سؤالًا آخر فيقول: يقول الرسول ﷺ: كلكم تدخلون الجنة إلا من أبى اشرحوا لنا هذا الحديث جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

هذا حديث صحيح رواه البخاري في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني؛ فقد أبى هذا تفسير الحديث: من عصاه؛ فقد أبى، الذي يعصي الرسول ﷺ ولا يتبع الشرع معناه أنه آبي، ما يريد الجنة، لو أرادها لأخذ بالأسباب، فالذي يتنكب الأسباب، ويتركها ما أراد الجنة.

أما الذي أراد الجنة هو الذي يطيع الرسول ﷺ ويتبع الشرع، وينقاد للشرع، ويحافظ على دين الله، ويدع المحرمات، ويأخذ بالواجبات، ويجتهد في الخيرات، هذا الذي يريد الجنة، الله -جل وعلا- قال: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:133-134] الآية، ويقول سبحانه: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ[الحديد:21] الآية.

فالمقصود: أن الذي يريد الجنة؛ يسارع إليها، ويقوم بأعمالها، ويجتهد، ويتقي الله، أما من أعرض عنها، وعن أعمالها، ولم يبال؛ فهذا في الحقيقة قد أبى.

ومثل ذلك من أراد بر الوالدين، إذا اجتهد في الإحسان إليهما، وبذل وسعه؛ فقد أراد برهما حقيقة، فإذا أعرض عن ذلك، ولم يبال؛ فهو ما أراد برهما، كذاب، لو قال: إنه يريد برهم كذاب، من أعرض عن ذلك، ولم يفعل شيئًا؛ فهو إذا قال أنا أريد برهما فهو كذاب.

وهكذا لو قال: أنا أريد أحافظ على الصلاة في الجماعة، وأنا أحب ذلك، ثم هو يتنكب ذلك، ويعرض، ويبقى في بيته، ولا يصلي مع الناس؛ كذاب في قوله، فعله يكذب قوله. 

والمقصود: أن من أراد الخير سلك طريقه، ومن لم يسلك الطريق فهو ما أراد الخير، نسأل الله العافية، نعم.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم.

فتاوى ذات صلة