تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا...}

السؤال:

الرسالة التالية: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: أخوكم في الإسلام من العراق صلاح محمد شعبان، سؤالي: أرجو أن تتفضلوا بتفسير الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ [البقرة:243] الآية؟ 

الجواب:

على ظاهرها، على ظاهرها، أن يبين أن الفرار من الموت لا يمنع الموت، ولا يمنع من قدر الله شيء ، فالواجب على المؤمن أن يستعد للقاء الله، وأن يعمل الصالحات، وأن يتوب من السيئات، حتى إذا هجم عليه الأجل إذا هو قد استعد للقاء ربه بطاعته، والتوبة إليه. 

أما فراره من بلد إلى بلد، أو من مستشفى إلى مستشفى؛ ليسلم من الموت، فهذا لا ينجيه من عذاب الله، ولا يمنع الموت من المجيء إليه، الأجل متى وصل لم يمنع منه مانع، كما قال : وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11] قال سبحانه: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [يونس:49] ولهذا قال: فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ [البقرة:243].

فالمقصود: أن الخروج من البلاد، أو من القبيلة، أو من إقليم إلى إقليم، أو من حي إلى حي لأجل خوف الموت لا يمنع من الموت، كما قال الله سبحانه: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] فالموت لا بد منه، كما قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185].
فالواجب الإعداد للموت، والتأهب بالأعمال الصالحات، بأداء فرائض الله، بترك محارم الله، بالوقوف عند حدود الله، بالتوبة إليه من سائر المعاصي، بالتعاون على الخير، بالتواصي بالحق، والصبر عليه، هذا هو الواجب على أهل الإسلام، ولا ينبغي أن يغرهم الشيطان بأن صحتهم أو فرارهم إلى مستشفيات راقية، أو إلى بلاد صحية، أو إلى غير هذا من أسباب الحياة، أو من أسباب الرفاة، أو من أسباب الصحة لا ينبغي أن يغرهم هذا، فإن الموت لا يمنعه مانع، ولو كان في أصح البلاد، ولو كان في أرقى مستشفى، متى جاء الأجل لم يمنعه مانع، كما سمعت من الآيات الكريمات، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة