رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام

السؤال: هذه رسالة وردتنا من السائل (ع. ع. س) من العراق بعقوبة، وقد عرضنا في حلقة ماضية واحداً من أسئلته، ونكمل الآن عرض بقية الأسئلة على سماحة الشيخ، يقول في سؤاله: ادعى بعض الناس أنه رأى النبي ﷺ في المنام، وأنه عليه الصلاة والسلام قال له: إنه خجلان في قبره؛ لأن الحرب لم تتوقف بين إيران والعراق، وقال آخر: إنه رآه عليه الصلاة والسلام وقال له: سوف تستمر الحرب ستة وثلاثين شهراً، وها قد مضى على الحرب أربع سنوات، فما حكم الشرع في مثل هذه الرؤى التي فيها ما يخالف الواقع؟

الجواب: كثير من الناس يدعي أنه رأى النبي ﷺ، وهو إما كاذب، وإما أنه لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي فمن رآه في صورته عليه الصلاة والسلام فقد رآه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، لكن هذه المرائي تعرض على ما علم من الشرع، فإن وافقت ما علم من الشرع فهي حق، وإلا فهي تلبيس على صاحبها.. ملبس على صاحبها.. لم ير الرسول ﷺ وإنما خيل له، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول، فقد يراه بعض الناس في صورة شاب أمرد، قد يراه بعض الناس في صورة شيبة قد ابيض شعره، قد يراه بعض الناس في صورة إنسان قصير، قد يراه بعض الناس في صورة إنسان طويل، قد يراه بعض الناس في صورة إنسان أسود اللون، قد يراه بعض الناس في صور أخرى، وهذا ليس هو الرسول ﷺ، الرسول ربعة من الرجال.. أبيض اللون.. مشرب بحمرة عليه الصلاة والسلام، من أجمل الرجال عليه الصلاة والسلام، شعره أسود ليس فيه إلا بياض قليل.. شعرات قليلة من الشيب، وليس عليه مثل لباسنا غترة وما أشبهه لا، كان يلبس العمامة عليه الصلاة والسلام، يلبس القميص والإزار والرداء عليه الصلاة والسلام، فلابد في الرائي أن يكون رآه على صورته المعروفة وإلا فهو ما رآه؛ ولهذا قال ﷺ: فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ما قال: لا يتمثل بي قال: في صورتي فدل ذلك على أنه إذا رآه الإنسان في غير صورته فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، ثم إذا رأى رؤيا لابد أن تعرض على ما جاء به الشرع، إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات تعرض على الشرع، فإن خالفت الشرع فليست من النبي عليه الصلاة والسلام، وأما ما يتعلق بالحروب أو يتعلق بأمور الناس إذا رأى أن الرسول قال له كذا أو قال له كذا أو شيء لا يتعلق بالعبادات والأحكام، فهذا قد يكون رآه وقد لا يكون رآه، وقد يكون رآه ولكن هذه الرؤيا لها معنى لم يفهمه الرائي، أو لم يفهمه المعبر، فتعبير الرؤيا يختلف، والناس فيه على أقسام، منهم من يعلم التأويل، ومنهم من لا يعلم التأويل، منهم من يخطئ كثيراً في التأويل، فلا ينبغي للعاقل أن يجزم بالتأويل إلا على بصيرة، بعد عرضها على أهل العلم والبصيرة الذين قد عرفوا التأويل للرؤيا وعبروها، وكانوا معروفين بها.. مشهوداً لهم بهذا الشيء، وإلا فليمسك ولا يعجل في الأمور، ولا يؤولها بغير ما يؤولها به العلماء العارفون بهذا الشيء.
فالحاصل أن هذا محل نظر ومحل تفصيل، ينبغي للرائي أن لا يعجل في تفسير رؤياه بما لا يعلم، وأن لا يعرضها إلا على أهل العلم والبصيرة، ثم قوله: (خجلان) ليس من لغة النبي ﷺ، هذي من لغة العصر، فهذا دليل على أنه ما رأى النبي ﷺ، وإنما رأى غيره، ثم هو ﷺ لا يعلم الغيب، والوحي قد انقطع، فهو لا يعلم الغيب في حياته، إنما يعلم ما أوحى الله إليه وبينه له سبحانه وتعالى، وما لم يأت به الوحي لا يعلمه عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فهو لا يعلم بشأن الحرب التي بين العراق وبين إيران، والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، هذا من الدلائل على أن هذه الرؤيا مكذوبة، وليست من النبي ﷺ بل هي من بعض الشياطين الذين تراءوا للرجل القائل، أو أنه كاذب في رؤياه ولم ير شيئاً، والله المستعان. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
فتاوى ذات صلة