بيان بطلان الطريقة التيجانية

السؤال: شيخ عبدالعزيز، وصل إلى البرنامج رسالة وكاتبها منفعل غاية الانفعال ويتلفظ بعبارات أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا وله، ملخص ما في الرسالة: الدفاع عما يسمى بالطريقة التيجانية، أرجو أن تتفضلوا بتبصير أخينا جزاكم الله خيرًا، وحبذا لو بعثتم إليه ما توصل إليه البحث العلمي حول هذه الطريقة جزاكم الله خيرًا ونفع بكم؟

الجواب: نعم الطريقة التيجانية بدعة لا أساس لها ومنكر لا أساس له نسأل الله أن يعافي إخواننا في أفريقيا في السنغال وفي غيرها، نسأل الله أن يعافيهم من شرها وأن يخلصهم منها وأن يوفقهم لاتباع نبيهم ورسولهم محمدًا عليه الصلاة والسلام فطريقته بحمد الله كافية، وقد بعثه الله رحمةً للعالمين وأكمل له الإسلام فالواجب على جميع الأمة التمسك بما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه ففيهم الأسوة والقدوة، كما قال الله في كتابه العظيم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، وقال في سورة التوبة: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]، فالتابعون لهم بإحسان هم السائرون على منهجه من دون زيادة ولا اختراع بدع، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، فأمر الله نبيه يقول للناس هذا الكلام، (قل) يعني: قل يا أيها الرسول للناس: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31] يعني: محمد عليه الصلاة والسلام، يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] فاتباع النبي ﷺ هو طريق محبة الله، وهو طريق السعادة، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، وقال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13].
فطريق الجنة والسعادة في اتباع محمد ﷺ ليس في اتباع أحمد التيجاني، أحمد التيجاني متأخر إنما ولد في ألف ومائة وخمسين من الهجرة، يعني بعد النبي ﷺ بألف عام ومائة عام وأربعين عامًا من وفاته عليه الصلاة والسلام، فهو ولد كما في كتب القوم كتب التيجانيين، ذكروا أنه ولد في عام ألف ومائة وخمسين يعني في القرن الثاني عشر من الهجرة، ويزعم أنه طاف في بلدان كثيرة وتعلم الطرق الصوفية ثم رأى النبي ﷺ عام ألف ومائة وست وتسعين فعلمه الورد الذي يعلمه الناس وأنه يعلم الأمة هذا الورد من الدعاء والاستغفار وقال: أنت ابني وعلمه الأمة، ورأى في عام ألف ومائتين بعد أربع سنين من لقاء النبي ﷺ علمه أيضًا أن يشفع إلى الدعاء والاستغفار (قل هو الله أحد) وأن يعلم الأمة ذلك، وزعم أنه رأى النبي ﷺ مشافهةً ويقظةً لا نومًا، وكل هذا باطل فإن الرسول ﷺ لا يرى يقظةً بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وإنما يرى في المنام، فإن الله جل وعلا لا يبعثه إلا يوم القيامة، قال الله تعالى في سورة (المؤمنون): ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ۝ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:15-16]، فالبعث يوم القيامة، وقال عليه الصلاة والسلام: أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة فبعثه يكون يوم القيامة، فمن قال: إنه رأى النبي ﷺ يقظةً وعلمه كذا وكذا وكذا بعد وفاته فقد كذب أو كذب عليه أو رأى شيطانًا زعم له أنه النبي ﷺ، والشيطان قد يتمثل بصور كثيرة ويزعم للجاهلين أنه النبي ﷺ، أما أن يتمثل بصورته فلا؛ لأن الرسول ﷺ قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، فدل على أنه قد يتمثل في غير صورته عليه الصلاة والسلام كما أخبر به العلماء ولكن التيجاني لم يرض بهذا بل قال: إنه يراه يقظةً وأنه علمه يقظةً، فهذا كله باطل سواء كان كذبه هو أو كذب عليه وغره شيطان قال له ذلك.
ثم أيضًا قد بين النبي ﷺ طريق الجنة وطريق السعادة للأمة ودرج عليه الصحابة، فهل هناك دين جديد يأتي به أحمد بعد اثني عشر قرن يخالف ما عليه الصحابة، أصحاب النبي ﷺ هم أفضل الناس وخير الناس ثم من يليهم، فالدين الذي درج عليه الصحابة هو الدين الصحيح وهو دين الله وهو الصراط المستقيم، فمن جاء بشيء بعده جديد فهو مردود عليه، يقول النبي ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته، ويقول ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد، ويقول ﷺ في خطبة الجمعة: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: وكل ضلالة في النار، فلا ينبغي لعاقل أن يغضب عندما ينبه على الباطل وعندما ينبه على البدع بل ينبغي له أن يقول: الحمد لله الذي هداني، الحمد لله الذي عرفني أن هذا بدعة، الحمد لله الذي أرشدني إلى الخير، وعليه أن يتعلم ويتبصر ولا يقلد الناس، يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين، ويقول ﷺ: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، والعالم مهما كان فضله ليس معصومًا قد يغلط كثيرًا ويلبس عليه، فإذا كان التيجاني عالمًا فالعالم ليس معصومًا، يقول مالك رحمه الله الإمام المشهور: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر.
ويقول الشافعي رحمه الله: أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس بل يلزمه اتباعها.
ويقول أبو حنيفة رحمه الله: إذا جاء الحديث عن رسول الله ﷺ فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن الصحابة فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال؛ لأن أبا حنيفة كان في عصر التابعين، وروي أنه رأى بعض الصحابة فيكون من التابعين إذا ثبت ذلك.
ويقول الإمام أحمد رحمه الله أيضًا: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته -يعني: عن النبي ﷺ- يذهبون إلى رأي سفيان -يعني: الثوري - والله يقول سبحانه: فََلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] يعني: أمر النبي عليه الصلاة والسلام. فعجب من قوم يذهبون إلى قول سفيان الثوري وأشباهه من العلماء ويدعون الحديث، وهذا لا شك أنه مستنكر، فهكذا ينبغي لكل مسلم في السنغال أو في غير السنغال ولكل مكلف أن يتبصر في دينه وأن يسأل عن طريقة الرسول ﷺ وعن دين الرسول ﷺ وعما جرى عليه الصحابة ودرجوا عليه، لا عما قاله التيجاني أو الشيخ عبدالقادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان لا، نحن مأمورون باتباع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.. نحن مأمورون باتباع القرآن وباتباع الرسول ﷺ، لسنا مأمورين باتباع الشيخ عبدالقادر أو الشيخ أحمد التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة أو غيرهم، هؤلاء علماء رضي الله عنهم ورحمهم، الأئمة الأربعة علماء معروفون لكن كل واحد يصيب ويخطي وهكذا غيرهم من العلماء، فإذا كان أحمد التيجاني من العلماء وكان له فضل العلم إذا قدرنا ذلك وقلنا: إنه من العلماء، فالعالم يخطي ويصيب، فقد أخطأ في هذا في زعمه أنه رأى النبي ﷺ وقد شبه عليه حين رآه يقظةً، وبزعمه أنه يعلم الأمة وأنه أرشده إلى أن يعلم الأمة جميعًا وأنه يرشدهم إلى طريقته التي جاء بها، يعني الأمة كانت ضالة حتى جاء أحمد التيجاني يعلمهم! كانت الأمة على طريق الرسول ﷺ وأصحابه هم أهل السنة والجماعة ، فمن كان على هذا الطريق فهو على طريق الرسول ﷺ وأصحابه قبل التيجاني وبعده، فأصحاب النبي ﷺ تلقوا طريقهم عن رسول الله ثم التابعون لهم بإحسان هكذا إلى وقت الأئمة الأربعة ثم بعدهم إلى وقتنا هذا، من التزم القرآن واتبع السنة وسار على نهج الصحابة فهو المتبع حقًا وهو المهدي حقًا، ومن خرج عن ذلك إلى طريقة جديدة أحدثها التيجاني أو غير التيجاني أو الشاذلي أو الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو المرسي أو فلان أو فلان كل ذلك لا وجه له ولا يجب اتباعه بل يجب عرض كل شيء يدعيه أحد من الناس أنه من الشرع يجب عرضه على القرآن وعلى ما صح من سنة رسول الله ﷺ، فما شهد له القرآن بالصحة أو السنة الصحيحة بالصحة وجب أخذه وقبوله وإن خالف رأي شيخك أو إمامك المعين كـالتيجاني أو غيره؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]؛ ولقوله سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، والتيجاني جاء في القرن الثاني عشر كما تقدم، وولد سنة ألف ومائة وخمسين فما حال الناس قبل ذلك؟ هكذا ذكر صاحب جواهر المعاني، وهكذا صاحب الرماح ذكر ذلك: أنه ولد في عام ألف ومائة وخمسين، وذكر ما قال: أنه رأى النبي ﷺ يقظةً وعلمه الورد وهو الدعاء والصلاة على النبي ﷺ يعلمه الأمة ويرشدهم، وثم علمه زيادة أن يعلمهم: (قل هو الله أحد) أيضًا ويرشدهم إلى ذلك الورد، وكل هذا معلوم عند المسلمين يعرفون أن الدعاء مشروع والاستغفار مشروع، قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين مشروعة أيضًا، و: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن كما جاء في الحديث ، وقد شرع الله قراءتها بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات مع المعوذتين، وأخبر النبي ﷺ أنها تعدل ثلث القرآن، هذا شيء معلوم قبل أن يأتي التيجاني ، فينبغي للعاقل أن ينتبه وأن لا يغتر بتقليد الناس أو بالدعايات التي لا وجه لها بل يتأمل قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، أن تسأل ربك أن يهديك الصراط المستقيم في كل صلاة في الفاتحة، والصراط المستقيم هو دين الله ليس بدين أحمد التيجاني ، دين الله هو ما بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وهو الصراط المستقيم، فالواجب على جميع الناس ولاسيما المسلمون في كل مكان أن يلتزموا ما جاء به الكتاب والسنة وأن يستقيموا عليه وألا يحيدوا عنه لقول التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو آبائهم أو أسلافهم بل عليهم اتباع الحق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، أسمعت الرد العلمي يا أخ محمد عبدالله إسماعيل الشنقيطي؟
نسأل الله لنا ولك الهداية، أما كلامك الذي بدأت به رسالتك فلن نذكر منه شيئًا، ولكنا نسأل الله لك الهداية ولجميع المسلمين.

فتاوى ذات صلة