حكم تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة 

السؤال: أيضاً يقول في رسالته هذا الذي بعثها من حضرموت: يقال: أن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فما حقيقة ذلك مع الدليل؟ وإن صحت هذه العبارة نرجو تطبيقها على الأسئلة السابقة؟

الجواب: هكذا يقول بعض الناس إن البدعة تنقسم إلى أقسامٍ خمسة تدور عليها الأحكام: بدعة حسنة، بدعة محرمة، بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة، وهذا التقسيم فيه نظر، والرسول ﷺقال: كل بدعة ضلالة ولم يقسمها بل قال: كل بدعة ضلالة فالحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع كلها ضلالة، ومراد النبي ﷺ ما أحدثه الناس، ولهذا قال: إياكم ومحدثات الأمور قال: شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة هكذا يقول ﷺ، فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها ضلالة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد فكل بدعة ضلالة، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة كما قاله النبي ﷺ ومن ذلك الاحتفال بالموالد فإنها بدعة ضلالة، وهكذا تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ القباب عليها، والاجتماع عندها للنوح أو لدعائها والاستغاثة بها كل هذا من البدع الضلالة، وبعضها من البدع الشركية، لكن بعض الناس قد يلتبس عليه بعض الأمور فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء التي لم تقع في عهد النبي ﷺ أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر في التراويح نعمت البدعة لما جمع الناس على إمامٍ واحد، وهذا ليس مما أراده النبي ﷺ، فإن ما يحدثه الناس مما تدل عليه الشريعة وترشد إليه الأدلة ما يسمى بدعةً منكرة، وإن سمي بدعةً من حيث اللغة فكون المسلمين نقطوا المصاحف وشكلوا القرآن حتى لا يشتبه على القارئ وجمعوه في المصاحف، هذا وإن سمي بدعة لكن هذا شيء واجب شيء يحفظ القرآن ويسهل قراءته على المسلمين، هذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن وبما يحفظه على المسلمين وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءةً مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة، بل هذا من باب الأوامر الشرعية، من باب الحفظ للدين، من باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه بشيء، وكذلك قول عمر نعمت البدعة يعني كونه جمعهم على إمامٍ واحد بعد النبي ﷺ هذا بدعة من حيث اللغة؛ لأن البدعة في اللغة الشيء الذي ليس عليه مثال سبق، ما يحدثه الناس على غير مثال سابق يسمى بدعة عند أهل اللغة، فهذا إنما أراد من حيث اللغة لا من حيث الشرع، فإن التراويح فعلها النبي ﷺ وصلى بالناس ليالي وأرشد إليها أو حثهم عليها، فليست بدعة التراويح، ولكن كونه جمعهم على إمامٍ واحد قال فيه: نعمت البدعة من حيث اللغة فقط.
فالحاصل أنما أوجده المسلمون مما يدل عليه الشرع ويرشد إليه الشرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع وأمر به الشرع من جنس جمع المصحف وشكله ونقطه ونحو ذلك، هذا ليس من البدع في شيء من جنس التراويح جمع عمر لها وأرضاه ليس من هذا الباب في شيء، وإنما الذي أنكره العلماء وقصده النبي ﷺ هو ما يحدثه الناس مما يخالف شرع الله، ومما يخالف أوامر الله ورسوله مثل: البناء على القبور، مثل: اتخاذ المساجد عليها، مثل: الغلو فيها بدعائها والاستغاثة بها والنذر لها ونحو ذلك، هذه من البدع الشركية، مثل: الاحتفال بالموالد، هذه من البدع المنكرة التي هي من وسائل الشرك وما أشبه ذلك، مثل بدعة الإسراء والمعراج كونهم يحتفلون بليلة سبعة وعشرين من رجب باسم المعراج والإسراء، هذا بدعة لا أصل له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بليلة الإسراء والمعراج ولا أصحابه، ولأنه غير معلومة على الصحيح بل أنسيها الناس ولو علمت لم يجز الاحتفال بها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها ولا أصحابه رضي الله عنهم، فدل ذلك على أنها بدعة لقوله ﷺ: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رديعني فهو مردود. نعم. 
فتاوى ذات صلة