حكم من تزوج زوجة أخيه لاعتقاد موته ثم ظهر أنه حي

السؤال:

هذا سؤال بعث به (أبو عمر ط. م. ش) من العراق، محافظة نينوى، يقول: في منطقتنا استشهد أحد الشباب، وجاءت الجثة إلى أهله مشوهة غير واضحة المعالم، ولكن العنوان يدل على اسم الشهيد وبيته ودفنوه في مقبرة القرية، وترك الشهيد زوجة وأطفاله، وبعد تسعة أو عشرة أشهر مضت على استشهاد الشاب جاء أهل الزوجة إلى أخي الشهيد يريدون منه أن يتزوج ابنتهم زوجة الشهيد، فرفض أن يتزوجها، وبعد أيام من هذا الأمر قالوا له: إن لم تتزوجها زوجناها لغيرك، وبقي الأخ في موقف حرج، إما أن يتزوجها، ويحافظ على يتامى أخيه، وإما أن يتركها تتزوج غيره، وعلى أي حال فقد تزوجها من غير رغبة، وبعد مرور سنة من الزواج أنجبت له طفلًا. 

وبعد أشهر جاءت رسالة من أخيه الذي اعتقدوا بأنه قد استشهد، يقول فيها: أنا باقٍ على قيد الحياة، وإنني أسير في أحد سجون العدو، ويوصي فيها بزوجته وأولاده، فأصيب أخوه بمصيبة عظيمة بسبب زواجه من زوجة أخيه الموجود حيًا يرزق، فعندما يرجع الأسير إلى بلده وأهله بسلام، هل يكون الزواج الثاني باطلًا أم يحق لهم البقاء في بيت الزوجية؟ وإن كان باطلًا فكيف يرجع الزوج الأول إلى زوجته إن كان له حق الرجوع؟ وأخيرًا ما هو حل الشريعة في هذا الأمر؟

الجواب:

هذا الأمر يحتاج إلى تثبت، ما دام الشهيد الذي جاء إليهم عليه علامات أنه أخو الشخص، وأنه قتيلهم، وولدهم، وتزوجها على هذا الأمر، وهو أن أخاه قد استشهد، فلا إثم عليه، ولا حرج عليه، لكن متى ثبت يقينًا أن أخاه موجود في السجن، فعليه أن يفارقها حينئذٍ وتبقى زوجة لأخيه، وإن شاءت رفعت الأمر إلى القاضي الشرعي ليفسخها إذا كانت في حاجة للفسخ والمفارقة لسجنه، وعدم وصوله إليها، فهذا شيء يرجع إلى القاضي الشرعي الذي ينظر في أمر المرأة هذه وزوجها؛ لأني أخشى أن يكون هذا الكاتب كاذبًا، وأراد أن يشوش على أخي الشهيد ويزعم أنه فلان.
المقدم: الذي كتب الرسالة؟
الشيخ: الذي كتب الرسالة يخشى أن يكون أيضًا مزورًا كاذبًا، فلا بد من التثبت في الأمور، فإذا سأل المسؤولين في حكومة العراق، أو أرسلوا من ينظر السجناء، أو يختبر السجناء حتى يعرفهم الذين يعرفونه بعد التثبت من ذلك حينئذٍ يفارقها زوجها الجديد -أخوه- وتبقى في عصمة زوجها الأول، ولا حرج على أخيه؛ لأنه لم يتعمد الباطل، إنما أخذها على اعتقاده أن أخاه قد مات، وهكذا اعتقاد أهلها فلا شيء عليهم، والحمد لله، وإن لم يثبت هذا فإنها زوجته ولا يعجل ولا يكتف بمجرد هذا الكتاب الذي كتبه إلا إذا كان معروفًا أنه خطه، خط أخوه، إذا عرف أن هذا خط أخيه، عرفه الشهود العدول أن هذا قلمه، وأنه مؤرخ من جديد، وليس فيه شبهة، لا يخشى أن أحد أخذ خطًا قديمًا أو قلد خطه.

المقصود: أنه لا بد من التثبت في الأمور، فإذا تيقن يقينًا أن أخاه موجود، فحينئذٍ يعتزلها، ويكون تزوجها، وهي ذات زوج، ويكون معذورًا، والأحوط أن يطلقها طلقة واحدة خروج من خلاف من قال بصحة الزواج في هذه الحالة، ولو ظهر أنه حي؛ لأنه تزوجها على وجه شرعي باعتقاد أنه مقتول، نعم.

المقدم: لكن بعد وصول الخبر إلى أن تتضح الحقيقة هل يعتزل زوجته؟

الشيخ: ما يلزمه الاعتزال؛ لأن الأصل حل النكاح، الأصل أنه زواج شرعي، فلا يلزمه اعتزالها، حتى يتحقق أن أخاه موجود.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة