حكم الاجتماع لقراءة القرآن

السؤال:

هذه أول رسالة في البرنامج من الإخوة: رزق محمد رزق المصري، وعابد هريسان فهيد، يقولون: يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرءون سورة (يس) بعدتها، ثم يتقدم أحدهم ويدعو والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، فهل هذا من الشرع والقراءة بعدد معين، وهو إلى مرة أو أكثر، وهل جاء في الشرع والقرآن والسنة ما يؤيد هذا أفيدونا أفادكم الله؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد: فقد كان النبي ﷺ يجتمع بأصحابه، ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود ، أن النبي ﷺ قال له ذات يوم: يا عبد الله ! اقرأ علي القرآن، فقال: يا رسول الله! كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله: فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41] قال: حسبك، قال عبد الله فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام، يعني: يبكى لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة عليه الصلاة والسلام، فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس، أو في أي مكان وقرءوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا، هذا خير عظيم وفيه فضل كبير، ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت حتى يستفيد ويتدبر، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاء الله من الدعاء، فلا حرج في ذلك، لكن كونهم يعتادون تكرار (يس) أو غيرها عدداً معيناً هذا ما نعلم له أصلاً، ولكن يقرءون ما تيسر من يس، من البقرة ومن غير ذلك، يقرءون ما تيسر، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره، هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا حتى يستفيدوا جميعاً ويتدبروا، أما تخصيص عدد معين من تكرار السورة، هذا لا أعلم له أصلاً، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي ﷺ في اجتماعاته مع الصحابة وأرضاهم.

فالأولى: أن يكون الدعاء فيما تيسر من غير رفع أيدي ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه بما تيسر بينه وبين نفسه، هذا هو الذي نعلمه من السنة.

ولكن ينبغي بكل حال التدبر والتعقل وأن تكون القراءة مقصودة، ليس مجرد الألفاظ فقط، ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر، لقوله : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].

فالمقصود من القراءة: التدبر والتعقل والعمل والفائدة، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة