شرح كتاب فضل الإسلام

وقول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3]. وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ [يونس: 104]. وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحديد: 28].

وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى: ثم قال من يعمل من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل أجرا؟ قال هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء.

وفيه أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة  وفيه تعليقا عن النبي ﷺ أنه قال: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة  انتهى.

وعن أبي بن كعب قال: (عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار. وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله إلا كان كمثل شجرة يبس ورقها فبينما هي كذلك إذا أصابتها الريح فتحات ورقها إلا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ورقها. وإن اقتصادا في سنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة) .

وعن أبي الدرداء : "قال يا حبذا نوم الأكياس وأفطارهم كيف يغبنون سهر الحمقى وصومهم. مثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من عبادة المغترين".

الشيخ: والمقصود من هذا أن الله جعل الإسلام هو دين الله الذي به السعادة والنجاة وأن العبد إذا تمسك به واستقام عليه له الجنة والكرامة وأن اجتهادات العبد في صلاة أو صوم أو غير ذلك على غير السنة لا ينفعه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ [المائدة : 3] وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران : 85] فالواجب على جميع المكلفين التمسك بالإسلام والاجتهاد في طاعة الله وهذا هو طريق النجاة وهذا هو طريق السعادة فالاقتصاد في الإسلام والسير عليه بالقليل خير من اجتهاد كثير في غير إسلام وفي غير سنة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

باب وجوب الإسلام

وقول الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  [آل عمران: 85]. وقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ  [آل عمران: 19]. وقوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ  [الأنعام: 153]. قال مجاهد: السبل: البدع والشبهات.

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد  أخرجاه، وفي لفظ: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.

وللبخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.

وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية، ومطلب دم امرئ مسلم بغير حق ليهريق دمه رواه البخاري.

الشيخ: والشاهد قوله مبتغ  في الإسلام سنة جاهلية وأن الواجب على العبد التمسك بالإسلام والحذر من سنن الجاهلية فالعمل في الإسلام ولو قل هو الذي ينفع أما الاجتهاد في غير الإسلام وفي غير سنة يضر ولا ينفع فالواجب على جميع المكلفين التمسك بالإسلام والتقيد بدين الله والسير عليه في كل شيء إخلاصا لله ومتابعة للرسول ﷺ .

(قال ابن تيمية: قوله: سنة جاهلية) يندرج فيها كل جاهلية مطلقة أو مقيدة، أي في شخص دون شخص كتابية أو وثنية أو غيرهما، من كل مخالفة لما جاء به المرسلون.

وفي الصحيح عن حذيفة قال: "يا معشر القراء استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا, فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا".

الشيخ: ومعنى استقيموا يعني على الطريق القراء يعني العلماء طلبة العلم طلبة العلم يعني استقيموا على دين الله فإذا استقام العبد فقد سبق سبقا بعيدا وإن حاد يمينا وشمالا فقد ضل ضلالا بعيدا فالواجب التمسك بما شرعه الله والحذر مما ذم الله أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ  [الشورى : 21] فكونوا على الطريق ولو مقتصدا ولو مع الأبرار مقتصدين خير من كونه يسلك الطرق المنحرفة عن الهدى لأنها تضله وتبعده عن الله بل صاحب الهدى وإن ظلم نفسه ببعض المعاصي على طريق النجاة لكن من سار على غير الإسلام وابتغى في الإسلام سنة جاهلية هو في طريق هلاك نسأل الله العافية.

وعن محمد بن وضاح أنه  كان يدخل المسجد، فيقف على الحلق فيقول: فذكره، وقال أنبأنا ابن عيينة عن مجالد 4 عن الشعبي عن مسروق قال: قال عبد الله يعني ابن مسعود: (ليس عام إلا والذي بعده شر منه. لا أقول عام أمطر من عام، ولا عام أخصب من عام، ولا أمير خير من أمير لكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثم يحدث أقوام يقيسون الأمور، بآرائهم فيهدم الإسلام ويثلم.

 باب تفسير الإسلام.

وقول الله تعالى: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ [آل عمران:20] الآية.

وفي الصحيح عن عمر أن رسول الله ﷺ قال: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً.

الشيخ: وهذا جواب النبي ﷺ لجبرائيل لما سأله عن الإسلام أجابه بهذا الجواب كما جاء من حديث عمر : الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. هذا تفسير له بأركانه والإسلام أعم يشمل كل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله كما قال تعالى إن الدين عند الله الإسلام ولكن هذه أركانه فالشيء يفسر بأركانه ويفسر بجميع أجزاءه

وفيه عن أبي هريرة مرفوعاً: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

الشيخ: هذا يدل على التعميم وأن الإسلام يعم الأركان وغير الأركان فالمسلم الحق الذي أدى الأركان وأدى ما أوجب الله عليه وكف يده عن ظلم الناس وعن تعدي حدود الله

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: (أنه سأل رسول الله ﷺ عن الإسلام؟ فقال: أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة) رواه أحمد.

وعن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام عن أبيه: (أنه سأل رسول الله ﷺ: ما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك لله، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك قال: أي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت.

باب قول الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85].

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: تجيء الأعمال يوم القيامة، فتجيء الصلاة، فتقول: يا رب! أنا الصلاة، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الصدقة، فتقول: يا رب! أنا الصدقة، فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الصيام، فيقول: يا رب! أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال على ذلك، فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام، فيقول: يا رب! أنت السلام، وأنا الإسلام، فيقول: إنك على خير، بك اليوم آخذ وبك أُعطي، قال الله تعالى في كتابه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] رواه أحمد.

وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ورواه أحمد].

الشيخ: معنى هذا أنه يجب على جميع الأمه الإسلام وأنه لا نجاة ولا سعادة إلا بالإسلام بك أخذ وبك أعطي فمن توفي على الإسلام فله الجنة إما من أول وهلة إن سلم من المعاصي وإما بعد ذلك بعد العقوبة التي يقدرها الله علية بسبب معاصيه التي مات عليها إن لم يعفو الله عنه فليس هناك نجاة إلا بالإسلام قال تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران:85] من مات على غير الإسلام ولو عنه ما عنده من الطاعات أمثال الجبال فإنها حابطة وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا  [الفرقان: 23] لا بد من التوحيد من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والدخول في الإسلام بقلبه وقالبه ثم بعد ذلك الأعمال فمن استقام على الأعمال دخل الجنة من أول وهلة ومن قصر في شيء من الأعمال الواجبة عليه أو أتى بعض المعاصي التي حرمها الله علية صار تحت المشيئة إن شاء الله عفى عنه وإن شاء عذبه على قدر ما عنده من المعاصي كما قال تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء  فمن هداه الله للإسلام وسلم من الشرك فهو على طريق نجاة

 باب وجوب الاستغناء بمتابعته الكتاب عن كل ما سواه.

وقول الله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل:89] الآية.

روى النسائي وغيره عن النبي ﷺ: أنه رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقة من التوراة، فقال: أمتهوكون يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حياً واتبعتموه وتركتموني ضللتم، وفي رواية: لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي، فقال عمر: "رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد ﷺ نبياً".

الشيخ: وهذا واضح في قوله جل وعلا وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران:85] وفي قوله جل وعلا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  [النور: 63] وفي قوله  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا  [الحشر: 7] فالواجب على جميع الأمة اتباعه عليه الصلاة والسلام لو كان موسى او عيسى أو غيرهما أحياء ما وسعهم إلا اتباعه لأنه بعث للناس عامة قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا  [الأعراف: 158]فالواجب على جميع الأمة رجالا ونساء عربا وعجما جنا وإنسا أن يتبعوه وأن ينقادوا لشرعه حسب ما جاء في القرآن العظيم والسنة المطهرة وليس لهم الخروج عن ذلك.

باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام

وقوله تعالى: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا [الحج: 78].

عن الحارث الأشعري عن النبي ﷺ أنه قال: آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد والهجرة، والجماعة. فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع. ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثى جهنم. فقال رجل يا رسول الله: وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

الشيخ: وهذا يحذر من دعوى الجاهلية يا أهل فلان يا أهل فلان لا، يا أهل التوحيد يا أهل الإيمان كلهم إخوة إذا جاء الحرب لا ينتسب يقول يا فلان يا قحطان يا بني كذا  يا بني كذا لا هم شيء واحد المسلمون شيء واحد ولا يحتج بدعوى الجاهلية ولهذا لما قال يا للمهاجرين وقال الآخر: يا للأنصار قال ﷺ: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم فالواجب الدعوة بالإسلام أيها الإخوة أيها المسلمون أيها المؤمنون هكذا عند الاستغاثة والحث يحثهم على القتال باسم الإسلام باسم الإيمان.

وفي الصحيح: من فارق الجماعة شبرا فميتته جاهلية وفيه: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟  قال أبو العباس كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية.

الشيخ: أبو العباس يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والمقصود أن الدعاوى التي بغير الإسلام يا أهل مكة يا أهل الطائف يا أهل نجد هذه من دعوى الجاهلية يقول أيها المؤمنون أيها الإخوة يا أنصار الله يا عباد الله هكذا.

 بل لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! قال ﷺ: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ وغضب لذلك غضبا شديدا انتهى كلامه.

الشيخ: وهذا هو الواجب هذا الذي يحثهم ويحرك القلوب فعند لقاء العدو يحثهم على اللقاء والصبر بدعوى الإيمان بدعوى الإسلام أيها المسلمون يا عباد الله أيها المسلمون يا أنصار الله هكذا يشجعهم ويحثهم بالاسم العام

باب وجوب الدخول في الإسلام كله وترك ما سواه

وقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً  [البقرة: 208]. وقوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ  [النساء: 60]. وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159].

الشيخ: وهذا هو الواجب الدخول في الإسلام كله ما هو ببعضه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً  [البقرة: 208]يعني في الإسلام ويقول: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159] ويقول: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا [النساء : 150] أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا  [النساء : 151] فالواجب الدخول في الإسلام كله يعني الواجب أن يلتزم المسلم بالإسلام كله صلاة وزكاة وصياما وحجا وجهادا ما يقول بس أنا أصلي ولا أزكي أزكي ولا أصوم لا ، يجب أن يلتزم بالإسلام كله

قال ابن عباس في قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران: 106]تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية كان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا ملة واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي. وليتأمل المؤمن الذي يرجو لقاء الله كلام الصادق الصدوق في هذا المقام، خصوصا قوله: ما أنا عليه وأصحابي.

الشيخ: يعني اللي يلزم الحق ويستقيم على ما سار عليه الصحابة وأتباعهم بإحسان وليحذر أقوال أهل البدع والفرقة والاختلاف ثنتان وسبعون كلهم في النار ما بين كافر وبين مبتدع وبين فاسق لكن أهل السنة هم الذين ساروا على نهج الصحابة واستقاموا على الدين هؤلاء لهم الجنة والكرامة أما بقية الفرق فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم المخالف للشرع  الذي لم يلتزم بالحق.

 يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة! رواه الترمذي. ورواه أيضا من حديث أبي هريرة وصححه، لكن ليس فيه ذكر النار، وهو في حديث معاوية (عند) أحمد وأبي داود وفيه: أنه سيخرج من أمتي قوم تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله وتقدم قوله: ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية.

الشيخ: يعني يجب الحذر على المسلمين أن يبتدعوا في الدين أو يدخلوا في الإسلام سنة الجاهلية بل يجب أن يلتزموا بالإسلام الذي جاء به المصطفى عليه الصلاة والسلام وأن يتعاونوا في هذا ويتواصوا بهذا فيؤدوا ما شرع الله ويبتعدوا عما حرمه ويحذروا البدع والمعاصي هكذا يجب على أهل الإسلام أن يستقيموا ويتعاونوا على البر والتقوى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة : 2] وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر : 1 - 3]. أما أن يتفرقوا هذا يقول آخذ بهذا وهذا يقول آخذ بهذا هذا لا يجوز هذا دين الجاهلية نسأل الله العافية.

باب ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر

لقوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48].

الشيخ: والمعنى أن البدعة أكبر من الكبائر لأنها تنقص للإسلام وإحداث في الإسلام وتهمة للإسلام بالنقص فلهذا يبتدع ويزيد أما المعاصي فهي اتباع للهوى وطاعة للشيطان فهي أسهل من البدعة وصاحبها قد يتوب ويسارع وقد يتعظ أما صاحب البدعة فيرى أنه مصيب فلا يتوب يرى أنه مصيب وأنه مجتهد فيستمر في البدعة نعوذ بالله ويرى الدين ناقص وهو في حاجة إلى بدعته فلهذا صار أمر البدعة أشد وأخطر من المعصية قال الله في أهل المعاصي وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء : 116] لأهل المعاصي تحت المشيئة أما أهل البدع فشرهم عظيم وخطرهم كبير لأن بدعتهم معناها التنقص للإسلام وأنه يحتاج إلى هذه البدعة ويرى صاحبها أنه محق ويستمر عليها ويبقى عليها ويجادل عنها نسأل الله العافية.

 وقوله: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 144].

وقوله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل: 25]2.

الشيخ: يعني عليه مثل أوزار من تبعه في بدعته نسأل الله العافية.

وفي الصحيح أنه ﷺ قال في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم لئن لقيتموهم لأقتلنهم قتل عاد.

الشيخ: لعظم بدعتهم لأنهم شبهوا على الناس اجتهدوا في القراءة والصلاة حتى قال النبي : يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وقراءته مع قراءتهم ثم حملوا على المسلمين وقتلوهم وهذا من جرأتهم الخبيثة وقتلوا عليا وقتلوا عمرو بن خارجة وقتلوا جما غفيرا كله ببدعتهم وضلالهم حتى أعان الله عليا عليهم وقتلهم فالخوارج شرهم عظيم لأنهم يرون أنهم مصيبون في قتلهم العصاة من الأمراء وغير الأمراء هذا من جهلهم وضلالهم ولهذا قال فيهم ﷺ: أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم خيرا لمن قتلهم وقال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد.

س: البدعة ما تدخل تحت المشيئة؟

الشيخ: لا ما تدخل في الذنوب متوعد أهلها بالنار والعياذ بالله إلا أن يتوبوا نسأل الله العافية ولكن إذا كانت دون الشرك  يرجا لصاحبها لأنها في المعنى تدخل في المعنى من جهة المعاصي لكنها غير داخلة في قوله : وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء : 116] في الجملة لكن إذا كان المبتدع بدعته دون الشرك فهي لها حكم المعاصي من جهة أنه لا يخلد في النار إذا دخل النار.

وفيه أنه ﷺ  نهى عن قتل أمراء الجور ما صلوا.

الشيخ: يعني الأمراء وإن جاروا وظلموا ما داموا ملتزمين بالإسلام لا يجوز جهادهم ولكن ينصحون أما إذا أتوا كفرا بواحا وجب جهادهم على من قدر إذا كان هناك قوة تقدر فعلت.

عن جرير بن عبد الله أن رجلا تصدق بصدقة ثم تتابع الناس فقال رسول الله ﷺ: من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء  رواه مسلم.

الشيخ: وهذا معناه يعني أحياها وأظهرها ما هو بالبدعة هذا معناه إحياء السنة وإظهارها لأن أصل الحديث أنه ﷺ رأى قوما فقراء مجتابي النمار فلم رأى فقرهم خطب الناس وحثهم على الصدقة ورغبهم فيها قال: تصدق رجل من درهمه من ديناره من صاع بره من صاع شعيره من صاع تمره إلى آخره فجاء واحد من الصحابة بصرة يعني فضة كادت يده تعجز عنها لهؤلاء الفقراء فلما رأوه تتابع الناس  في الصدقة وجاءوا هذا بثياب وهذا بطعام فلما رأى النبي ﷺ تتابع الناس ورأى كومين من طعام ومن ثياب قال: من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها إلى آخره.

س: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟

الشيخ: نعم ما في شك من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم يدعو لهم هذا من دعاتهم نسأل الله العافية.

وله مثله من حديث أبي هريرة ولفظه: من دعا إلى هدى، ثم قال: ومن دعا إلى ضلالة.

باب ما جاء أن الله احتجز التوبة على صاحب البدعة

هذا مروي من حديث أنس ومن مراسيل الحسن. وذكر ابن وضاح عن أيوب قال: كان عندنا رجل يرى رأيا فتركه، فأتيت محمد بن سيرين فقلت أشعرت أن فلانا ترك رأيه؟ قال: انظر إلى ماذا يتحول؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من أوله: يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه . وسئل أحمد بن حنبل عن معنى ذلك فقال: لا يوفق للتوبة.

الشيخ: المقصود أن هذا من أخطار البدعة والعياذ بالله  من أخطارها أن صاحبها لا يوفق للتوبة يرى أنه مصيب ويستمر على الباطل هذا من أخطارها وبلائها فالواجب الحذر من البدعة لأنها شر عظيم ولهذا قال ﷺ في الحديث الصحيح: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقال: وكل بدعة ضلالة. نعم.

س: رضي الله عنك يا شيخ ما صحة الحديث : الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة؟

ج:  هذا إنما يخشى عليه من ذلك الغالب عليهم  لأنهم يستحسنون آراءهم ويبقون عليها نسأل الله العافية وإلا فكثير من أهل البدع تابوا وتاب الله عليهم . أعد أعد

الطالب: باب ما جاء أن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة هذا مروي من حديث أنس من مراسيل الحسن ذكر ابن وضاح عن أيوب قال .

الشيخ: عليه حاشية؟

الطالب: نعم يا شيخ ، الشيخ إسماعيل الأنصاري .

الشيخ: ويش يقول؟

الطالب: يقول أما حديث أنس فرواه ابن وضاح في باب هل لصاحب بدعة توبة من كتاب البدع والنهي عنها قال حدثنا أسد قال حدثنا عبد الله بن خالد عن بقية قال حدثني محمد بن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: إن الله حجز التوبة عن كل صاحب بدعة وأما مرسل الحسن فرواه ابن وضاح أيضا في نفس الباب قال حدثنا أسد قال حدثنا عبد الله بن خالد عن بقية قال حدثني محمد عن هشام عن الحسن أن رسول الله ﷺ قال: أبى الله لصاحب بدعة توبة انتهى.

الشيخ: بس ولا تكلم شيء؟ الحديث يحتاج إلى تأمل ونظر في سنده الذي ذكره ابن وضاح يراجع إن شاء الله. وعلى كل حال هذا إن صح فهو من باب الوعيد والتحذير نسأل الله العافية مثل ما قال ﷺ في المدينة: من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا هذا من باب الوعيد وإلا فمن تاب تاب الله عليه.

باب قول الله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ  [آل عمران: 65]

قول الله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ  [آل عمران: 65] - إلى قوله -: وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ  [آل عمران: 67]. وقوله: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [البقرة: 130]. وفيه حديث الخوارج وقد تقدم، وفي الصحيح، أنه ﷺ قال: إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما أوليائي المتقون  وفيه أيضا عن أنس: أن رسول الله ﷺ ذكر له أن بعض الصحابة قال: أما أنا فلا آكل اللحم، وقال الآخر: أما أنا فأقوم ولا أنام وقال الآخر; أما أنا فلا أتزوج النساء. وقال الآخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر فقال ﷺ: لكنني أقوم وأنام وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني".

الشيخ: وهذا فيه تحريم التكلف والتنطع أن الواجب على المؤمن أن يحذر ذلك فيصوم ويفطر ويقوم وينام ويأكل اللحم ينام على فراش لا يتكلف ولهذا قال ﷺ : أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني الله شرع لعباده ما لا يشق عليهم وما لا يعنتهم فلا يجوز التنطع والتكلف وفي سنة الرسول ﷺ الكفاية وهو أفضل الناس وخير الناس عليه الصلاة والسلام.

 فتأمل إذا كان بعض الصحابة أراد التبتل للعبادة قيل فيه هذا الكلام الغليظ وسمي فعله رغوبا عن السنة، فما ظنك بغير هذا من البدع، وما ظنك بغير الصحابة؟

باب قول الله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا  [الروم: 30]

قول الله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  [الروم: 30].

وقوله تعالى: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة: 132] وقوله: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ  [النحل: 123].

وعن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: إن لكل نبي ولاة من النبيين، وأنا وليي منهم أبي إبراهيم وخليل ربي ثم قرأ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 68] رواه الترمذي.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

الشيخ: وهذا حديث صحيح رواه مسلم : إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فالقلوب هي محل النظر والعمل وأما الصور والأموال فلا قيمة لها إن لم يستعن بها على طاعة الله لكن محل النظر القلوب إذا استقامت على محبة الله والإخلاص له وخوفه ورجاءه وصلحت الأعمال وصارت خالصة لله موافقة للسنة هذه هي الأفعال التي تنفع صاحبها صلاح القلب وصلاح العمل.

س: ما معنى لا ينظر؟

ج: معنى لا ينظر المقصود نفي النظر الذي له القيمة هذا مثل قوله ﷺ : إن الله لا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم لغضبه عليهم وهو سبحانه لا يخفى عليه خافية يرى كل شيء جل وعلا لكن المقصود نظر الرضا نظر المحبة.

ولهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن إلي رجال من أمتي، حتى إذا أهويت لأناولهم. احتجبوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.

الشيخ: وفي لفظ آخر : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ولهذا يمنعون من الحوض لأنهم ارتدوا فالذين ارتدوا في عهد أبي بكر رضي الله عنه هؤلاء يمنعون من الحوض أما من مات على إيمانه فإنه يرد الحوض اللهم صل على محمد .

س:  ما المراد بأصحابه؟

ج: اصحابه الذين كانوا معه ارتد ناس بعدما دخلوا في الإسلام في عهده ﷺ ارتد ناس في عهد الصديق وقاتلهم الصديق والصحابة.

س: الفاسق يرد الحوض؟

ج: الظاهر الحديث يعمه لأنه ليس بمرتد لكن عليه خطر جاء في بعض الروايات الوعيد فينبغي الحذر الوعيد إنما هو في المرتدين لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم اما العاصي ما هو مرتد ناقص الإيمان ضعيف الإيمان فيخشى فينبغي له الحذر.

س: وأهل البدع؟

ج: أهل البدع فيهم التفصيل بين الكافر والمسلم المبتدع الكافر لا يرده نسأل الله العافية.

س:...[32:17]

ج: هم داخلون فيهم داخل فيهم الكافر وفيهم المسلم الرافضة عباد غير الله كفرة والرافضة الذين يفضلون عليا فقط أو يفضلون على عثمان أو على الصديق هؤلاء ليسوا بكفار لكن مبتدعون أما من دعا عليا وأهل البيت وغلا فيهم يكون كافرا أو قال إن النبوة لعلي ولكن خان جبرائيل هذا كافر ضال مرتد نعوذ بالله.

س:...[32:45]

ج: فيهم الكافر وفيهم العاصي الثنتان والسبعون فرقة فيهم العاصي وفيهم الكافر وفيهم المبتدع الضال والمبتدع الذي ليس بكافر لكنهم كلهم يجتمعون في إجابة النبي لأنهم من أمته من أمة الإجابة أما أمة الدعوة فكثيرون اليهود والنصارى من أمة الدعوة لا قيمة لهم من أهل النار لكن هذه الثلاث والسبعون الذين استجابوا الذين زعموا أنهم من أتباع النبي زعموا أنهم أجابوا دعوته الناجي منهم السليم الفرقة الناجية التي تابعوا النبي ﷺ وساروا على نهجه أما الثنتان والسبعون فيهم الضال وفيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع الضال وفيهم ...[33:26] على درجات متوعدون بالنار كلهم نسأل الله العافية.

س: هل يفرق بين الجاهل والعالم؟

ج: تختلف الأمور بعض الأمور يعذر فيها الجاهل وبعض الأمور لا يعذر فيها الجاهل.

س: في الرافضة؟

ج: من دعا غير الله واستغاث بغير الله كافر مطلقا لأنهم بين المسلمين وقد بلغهم القرآن وبلغتهم السنة الله جعل القرآن نذارة وبلاغ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم: 52] وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: 19]فمن كفر مع وجوده بين المسلمين واستغاث بغير الله وعبد البدوي وعبد غيرهم هذا سواء من الرافضة أو غير الرافضة له حكم الكفر نسأل الله العافية.

س: بعض الناس يقول: إن أتباع الأباضية وأتباع الزيود أفضل بكثير من المنتسبين للمذاهب الأربعة؟

ج: ما هو العبرة بالمذاهب الأربعة العبرة بالعقيدة العبرة بقال الله قال رسوله المذاهب الأربعة في أتباعهم الضال وفي أتباعهم المسلم لكن المهم التمسك بكتاب الله وسنة رسوله والسير على منهج الصحابة وأتباع أصحاب النبي ﷺ بعبادة الله وحده والاستقامة على دينه وترك البدع هؤلاء هم أهل السنة والجماعة

ولهما عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد قالوا: فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال: أرأيتم لو أن رجلا له خيل غرا محجلة بين ظهراني خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى. قال: فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال يوم القيامة عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم. فيقال: إنهم بدلوا بعدك. فأقول: سحقا سحقا.

الشيخ: الله أكبر الله أكبر يقول سحقا سحقا يعني بعدا بعدا لمن بدل بعدي ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذه علامة أمته غر محجلون من آثار الوضوء أمة محمد ﷺ  المستجيبة لدعوته

وللبخاري: بينما أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم وعرفوني  خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة - فذكر مثله - قال: فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.

ولهما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة: 117].

__________

ولهما مرفوعا: ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء، حتى تكونوا أنتم تجدعونها ثم قرأ أبو هريرة: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم: 30]متفق عليه.

وعن حذيفة قال: "كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير. وأنا أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم فقلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن قلت وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. فتنة عمياء، ودعاة على أبواب جهنم؛ مَنْ أجابَهم إليها قذفوه فيها قلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت: يا رسول الله ما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك أخرجاه، وزاد مسلم3: "ثم ماذا؟ قال: ثم يخرج الدجال، معه نهر ونار، فمن وقع في ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره قلت: ثم ماذا؟ قال: هي قيام الساعة وقال أبو العالية: "تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام، ولا تتحرفوا عن الصراط يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم، وإياكم وهذه الأهواء" انتهى.

تأمل كلام أبي العالية هذا، ما أجله.

الشيخ: يعني ابتعد عن البدع الأهواء البدع احذرها والزم الطريق

واعرف زمانه الذي يحذر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب، يتبين لك معنى قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ  [البقرة: 131]. وقوله وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [البقرة: 132]. وقوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ  [البقرة: 130] وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول، والناس عنها في غفلة. وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها؛ وأما الإنسان الذي يقرؤها وأشباهها وهو آمن مطمئن أنها لا تناله، ويظنها في قوم كانوا فبانوا. أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ  [الأعراف: 99].

وعن ابن مسعود قال "خط لنا رسول الله ﷺ خطا، ثم قال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه وقرأ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ  [الأنعام: 153]" رواه أحمد والنسائي.

الشيخ: وهذا يبين أن الواجب على المؤمن الحذر وأن لا يغتر بالكثرة وأن يعتبر بالسنة والدليل وأن يخاف على نفسه ولا يأمن لأن الله يقول: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ  [الأعراف: 99]يعمل ويتجه للطاعة وهو خائف وجل غير مطمئن بل يحذر البدع ويحذر المعاصي ويتبع أهل الحق ويستقيم معهم ويبتعد عن أهل الباطل وعن صحبتهم هكذا المؤمن دائما على حذر هكذا قال الله جل وعلا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ۝ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ  [البينة: 7، 8] وقال جل وعلا إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ  [الملك: 12]وقال تعالى فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  [آل عمران: 175]وقال تعالى وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ  [الرحمن: 46] فيجب الحذر وعدم الطمأنينة  لرأي فلان وهذا رأي فلان حتى تعلم الدليل من الكتاب والسنة.

باب ما جاء في غربة الإسلام وفضل الغرباء

وقول الله تعالى: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ  [هود: 116]. وعن أبي هريرة مرفوعا: بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبي للغرباء  رواه مسلم. ورواه أحمد من حديث ابن مسعود وفيه: "ومن الغرباء؟ قال: النّزاع من القبائل. وفي رواية الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس. ورواه أحمد من حديث سعد بن أبي وقاص وفيه: فطوبى يومئذٍ للغرباء، إذا فسد الناس. وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده: طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي.

وعن أبي أمية قال: "سألت أبا ثعلبة فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة: 105]؟ قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا. سألت عنها رسول الله ﷺ فقال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك العوام؛ فإن من ورائكم أياما الصابر فيهن مثل القابض على الجمر؛ للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم رواه أبو داود والترمذي. وروى ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر ولفظه:

الشيخ: هذا فيه الحث على الاستقامة في الغربة وأنه ينبغي للمؤمن ان يستقيم ويحرص على الاستقامة عند غربة الناس ولا يغتر بكثرة الهالكين ولهذا قال ﷺ في الحديث الصحيح لما تلا الصديق هذه الآية  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة: 105] يقول ﷺ: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه وقوله : لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة: 105]من الهداية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يضر الناس من ضل إذا  اهتدوا إذا استقاموا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى أنه إذا أدى الطاعات الخاصة فهذا غلط من الهداية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا من أسباب الهداية ولهذا خطب الصديق لما تولى قال : إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير مواضعها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ  [المائدة: 105]وإني سمعت النبي ﷺ يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم  يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه وهكذا في هذه الآية  إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبع لما سئل النبي عن هذه الآية قال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبع ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأيه برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام فإن من ورائكم أياما للصابر فيهن مثل القابض على الجمر والله المستعان.

 إن من بعدكم أياما الصابر فيها المتمسك بمثل ما أنتم عليه اليوم له أجر خمسين منكم قيل: يا رسول الله منهم؟ قال: بل منكم، ثم قال: أنبأنا محمد بن سعيد أنبأنا أسد قال سفيان ابن عيينة عن أسلم البصري عن سعيد أخي الحسن يرفعه، قلت لسفيان عن النبي ﷺ؟ قال: نعم قال: إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في الله ولم يظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك فلا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، ولا تجاهدون في الله، وتظهر فيكم السكرتان، فالمتمسك يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين قيل منهم؟ قال: لا، بل منكم . وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله ﷺ: طوبى للغرباء الذين يتمسكون بالكتاب حين يترك، ويعملون بالسنة حين تطفأ.

الشيخ: هؤلاء هم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس ويصلحون ما أفسد الناس بالأمر بالمعروف  والنهي عن المنكر ويتمسكون بالقرآن حين تركه الناس بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء .

فالغرباء هم أهل الصلاح والاستقامة وتنفيذ الأوامر والدعوة إلى الله عند فساد الزمان وتغير الأهل.

مداخلة : بسم الله الرحمن الرحيم . تخريج لحديث: إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة، هذا الحديث رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي  في الشعب والهروي في ذم الكلام من طريق ابن عبد الهادي في جمع الجيوش والدساتر وعزاه الألباني في الصحيحة إلى أبي الشيخ في تاريخ أصبهان كلهم من حديث هارون بن موسى عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ : إن الله احتجب التوبة عن صاحب كل بدعة وفي لفظ: حجب التوبة وفي لفظ: احتجب الله التوبة.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة قلت: قال النسائي: لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال الدارقطني : هو وأبوه ثقتان ورواه عن موسى جماعة منهم داود بن حسين البيهقي وزكريا بن يحيى الساجي وجعفر بن محمد السوسي وحسن إسناده المنذري في الترغيب والترهيب.

وله طريق أخرى عن حميد من حديث بقية بن الوليد عن محمد بن عبد الرحمن القشيري عن حميد به.

ورواه ابن أبي عاصم في السنة والهروي في ذم الكلام ومن طريقه ابن عبد الهادي في جمع الجيوش ورواه البيهقي في الشعب وابن الوضاح في كتاب البدع والنهي عنها واختلف على بقية  في إسناده فرواه أحمد بن فرج عنه عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل من أهل الكوفة عن حميد به ورواه ابن مصفى وكثير بن عبيد وإسحاق بن راهوية عن محمد بن عبد الرحمن عن حميد عن أنس به ومدار الجميع على محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو متروك الحديث.

قال ابن عدي: منكر الحديث مجهول وهو من مجهولي شيوخ بقية.

قلت: وبقية باتفاق الحفاظ لا يقبل حديثه عن المجاهيل فالعمدة على الإسناد السابق.

وللحديث  شواهد في المعنى من حديث حذيفة بن اليمان وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.

أما حديث حذيفة  فرواه ابن ماجة في سننه قال: حدثنا داود بن سليمان العسكري حدثنا محمد بن علي أبو هاشم بن أبي خداش الموصلي قال: حدثنا محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الله الديلمي عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ: لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا صلاة ولا صدقة ولا حجا ولا عمرة ولا جهادا ولا صرفا ولا عدلا يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين.

ورواه ابن عبد الهادي في جمع الجيوش قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن محصن العكاشي، واسمه: محمد بن إسحاق  بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة بن محصن الأسدي قال يحيى بن معين: كذاب وقال البخاري: منكر الحديث وكذبه أبو حاتم وقال مرة : مجهول وقال ابن حبان : شيخ يضع الحديث على الثقات قلت: ومشهور عن هذا اللفظ أنه من كلام بعض أئمة السلف كالحسن البصري والأوزاعي وهشام بن حسان روى ذلك ابن الوضاح عنه في كتاب البدع والنهي عنها وغيره.

أما حديث عمر بن الخطاب فرواه ابن أبي عاصم في السنة وابن بطة في الإبانة وابن عبد الهادي في جمع الجيوش من حديث بقية قال: حدثنا شعبة أو غيره حدثنا مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر بن الخطاب أن رسول الله ﷺ قال لعائشة: يا عائشة إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا إنهم أصحاب البدعة والأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة يا عائشة إن لكل ذنب توبة غير أصحاب الأهواء والبدع ليس لهم توبة أنا منهم بريء وهم  مني براء. وهذا إسناد ضعيف فيه عدة علل:

منها: حال بقية وعدم جزمه بمن روى عنه هل هو  شعبة أم غيره .

ومنها: الاختلاف عليه فيه ، فرواه مرة من قول عمر عند ابن أبي عاصم في السنة.

ومنها:  مجالد بن سعيد وهو ضعيف، وقال ابن عبد الهادي : حديث ضعيف ذكره ابن المحب في كتاب الطبقات وعزاه أيضا إلى الطبراني في المعجم الصغير.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره  بعد أن عزاه إلى ابن مردويه ، قال : وهو غريب أيضا ولا يصح رفعه.

فصل مختصر  في بيان معنى الحديث :

إن مما لا خلاف فيه بين أهل العلم قاطبة أن جميع الذنوب بما فيها الشرك إذا تاب صاحبها منها فإن الله تعالى يقبل توبته لقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  [الزمر: 53] وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله فيما نقله السفاريني في لوامع الأنوار عن معنى هذا الحديث فقال: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة لتوبة قلت: وهذا وهو المعنى لما جاء في ذلك من الأحاديث وهذه سنة الله جل وعلا فيمن ضل عن الطريق ابتلاء منه وحكمه بحكمة وعدل كما قال تعالى فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ  [الصف: 5]وقال: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا  [البقرة: 10] وقال: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأنعام: 110] ومنها قوله تعالى:  قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا  [مريم: 75] وغيرها من الآيات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولهذا قال طائفة من السلف منهم الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة بمعنى أنه لا يتوب منها لأنه يحسب أنه على هدى ولو تاب لتاب عليه كما تاب على الكفار و من قال : لا يقبل توبة مبتدع مطلقا فقد غلط غلطا منكرا ومن قال : ما أذن الله لصاحب بدعة في توبة فمعناه ما دام مبتدعا يراها حسنة لا يتوب منها فأما إذا أراه الله أنها قبيحة فإنه يتوب منها كما يرى الكفر أنه على ضلال وإلا فمعلوم أن كثيرا ممن كان على بدعة تبين له ضلالها وتاب الله عليه منها وهؤلاء لا يحصيهم إلا الله والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ: هذا هو الحق إن الله احتجب التوبة عن صاحب البدعة معناه لأنه يستحسنها ويرى أنه مصيب فلهذا في الغالب يموت عليها والعياذ بالله ولا يتوب منه لأنه يرى أنه مصيب بخلاف صاحب المعصية الذي يعلم أنه عاص وأنه مجرم وأنه مخطئ قد يتوب منها فيتوب الله عليه لكن صاحب البدعة على خطر ، لأنه يستحسنها ويتبع هواه فلهذا هو على خطر من حجب التوبة عنه لاستحسانه البدعة وظنه أنه على هدى واعتقاده إلا إذا هداه لاله وتاب تاب الله عليه فجميع الذنوب إذا تاب العبد منها تاب الله عليه حتى الشرك الذي هو أكبر من البدعة والكفر بالله إذا تاب منه تاب الله عليه والكفار من قريش وغيرهم لما تابوا تاب الله عليهم.

وهكذا سحرة فرعون لما تابوا تاب الله عليهم فهكذا صاحب البدعة إذا بصره الله فتاب منها تاب الله عليه فهو من باب  الوعيد مثل الحديث الصحيح من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا من باب الوعيد

باب التحذير من البدع

عن العرباض بن سارية قال: "وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون. قلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع، فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد. وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ ئ عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وعن حذيفة قال: "كل عبادة لا يتعبده أصحاب محمد فلا تعبدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالا. فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم". رواه أبو داود. وقال الترمذي: أخبرنا الحكم بن المبارك أنبأنا عمر بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: "كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج. فلما خرج قمنا إليه جميعا. فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيرا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدّوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم! فهؤلاء صحابة نبيكم ﷺ متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه. إن رسول الله ﷺ حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله لعل أكثرهم منكم. تم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج".

والله المستعان وعليه التكلان وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشيخ: وهذا فيه التحذير من البدع وأن الواجب على أهل الإسلام الحذر منها ولهذا حذر منها النبي ﷺ قال: إياكم لما وعظهم قال العرباض وعظنا موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون قالوا كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة يعني لولاة الأمور وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة.

فالواجب على أهل الإسلام أن يتمسكوا بما شرعه الله لعباده وأن يحذروا ما أحدثه الناس من البدع ولهذا قال حذيفة كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد ﷺفلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر شيئا لأن الصحابة قد بينوا وسألوا نبيهم عن كل شيء فعليكم بالتأسي به والسير على منهاجهم ولما رأى عبد الله بن مسعود قوما في المسجد حلقا وكل واحدة فيها واحد يقول سبحوا كذا عدوا كذا يعني بالحصى قال : إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ﷺ أو مفتتحو باب ضلالة عدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء هذا من البدع وأن يتفرقوا أحزابا كل واحد يقول افعل كذا افعلوا كذا إنما النصيحة الواجب النصيحة قال الله قال رسوله هذا هو .

أما أن يجعلهم حلقا يعدون عن سيئاتهم يأخذون  حصى افعل كذا يا فلان عد كذا هذا مما أحدثه الناس من البدع ولهذا يقول ﷺ في خطبته : أما بعد فإن خير الأمور كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة.

فما أحدثه الناس من التقربات هو البدع والبدع تكون في القرب فما يتقرب به الناس مما لم يشرع يسمى بدعة فالواجب  الحذر منها وليس فيها تفصيل كل بدعة ضلالة أما قول بعض الناس إن البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام فهو قول غلط