حكم الدعاء لمن مات على الشرك جاهلًا

السؤال:

على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة من السائلة (ح. ح) من بني مالك تقول: سماحة الشيخ! أريد أن أسأل سؤالًا يدور في ذهني، وهو: ما حكم من مات مشركًا بالله -أعاذنا الله من الشرك- ولكنه لم يعرف خطورة ذلك الأمر، وهو من جهل أهل القرى في ذلك الوقت، ولا يعرفون أن الشرك من أكبر الكبائر، ومات على ذلك الحال، سؤالي: هل يجب علينا أن ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، وأداء الحج والعمرة؟ وهل ينفعهم ذلك العمل؟ أفتونا بالتفصيل سماحة الشيخ عبدالعزيز. 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فالشرك هو أعظم الذنوب... هو أكبر الكبائر، كما قال النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله ويدل على هذا قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

فالشرك هو أعظم الذنوب، وأقبح السيئات، فمن مات عليه؛ لن يغفر له، وهو من أهل النار المخلدين فيها، ولا يحج عنه، ولا يصلى عنه، ولا يدعى له، ولا يصدق عنه؛ لقول الله -جل وعلا-: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] وقوله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال في المشركين: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167].

والشرك: هو صرف العبادة لغير الله، أو شيء منها، كالذي يدعو الأموات، أو النجوم، أو الأنبياء، أو الملائكة يستغيث بهم، وينذر لهم، يذبح لهم، هذا الشرك.

وهكذا من جحد شيئًا مما أوجبه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، مما أجمع عليه المسلمون، كالذي يجحد وجوب الصلاة، أو يجحد وجوب الزكاة، أو يجحد وجوب صوم رمضان، أو يجحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو يستحل ما حرم الله من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة، مما أجمع المسلمون على تحريمه كالزنا، والخمر، فيقول: الزنا حلال، أو الخمر حلال، أو يقول: عقوق الوالدين حلال، هذا كفر أكبر، لا يصلى عليه، ولا يستغفر له، ولا يحج عنه، ولا يتصدق عنه؛ لأنه مات على غير الإسلام.

ما دام بين المسلمين قد سمع القرآن، ورأى المسلمين، ورأى أعمالهم، هذا غير معذور، قد قامت عليه الحجة؛ لأن الله يقول سبحانه: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19] من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، قال الله سبحانه: هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم:52] ولأنه معرض، ما تعلم، ولا سأل، وأمره إلى الله، لكن هذا حكمه في الدنيا، مثل: عامة كفار قريش الذين قتلوا في يوم بدر، وفي غيره، أو ماتوا في مكة عامة الكفار اليوم، عامة الكفار النصارى، كفار اليهود، كلهم جهال، لكن لما رضوا بما هم عليه، ولم ينقادوا لما بعث الله به محمد ﷺ ولم يلتفتوا إليه؛ صاروا كفارًا، فنسأل الله العافية والسلامة، نعم.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة