رفق الولد في نصيحته لوالده

السؤال: السؤال الثاني للمستمع (ر. ع. ف) سوداني مقيم في المملكة، يقول فيه: لي والد يشرب الخمر والعياذ بالله، ولقد تحدثت معه عدة مرات، وشرحت له بأن الدين يحرم ذلك، هذا بالإضافة إلى الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بنا، ولكن والدي لم يترك شرب الخمر حتى دخلت معه في جدال مرير، وهجرني وأمرني بالخروج عن منزله، وعلى هذا تركت المنزل، أفيدوني هل في عملي هذا مع والدي ما يخالف الدين الإسلامي؟

الجواب: النصيحة لوالدك حق، وهو من أولى الناس بنصيحتك، ومن أولى الناس بإحسانك في دينه ودنياه، ولكن ليس لك العنف والشدة حتى ولو كان كافرًا فكيف بمسلم يتعاطى بعض المعاصي؟!
والواجب عليك أن تصبر على ما تلقى من سوء خلقه، وأن تستمر في نصيحته، وأن تصله بالإحسان بالمال والمعروف، إن كنت قادرًا وهو ذو حاجة، وأن تدعو الله له بالليل والنهار والسر والجهار بالهداية والتوفيق حتى يترك ما هو عليه من تعاطي الخمر، ولا تنزع يدًا من طاعته ولا من الاتصال به، بل أحسن إليه واتصل به ولو هجرك، وتحبب إليه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن؛ لعل الله يهديه بك، أما سمعت يقول : وَإِنْ جَاهَدَاكَ [لقمان:15] قبلها يقول: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] ثم قال بعده: وَإِنْ جَاهَدَاكَ [لقمان:15] يعني: الوالدان الكافران، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ [لقمان:15] الآية.
فأمر بأن يصاحبا في الدنيا معروفًا مع أنهما يجاهدان ولدهما على الشرك، ومع هذا يؤمر بالإحسان إليهما وشكرهما والصبر على ذلك، ويتبع سبيل الحق، هذا هو الواجب عليك مع الوالدين المشركين ومع العاصيين من باب أولى.
فاتق الله يا أخي، وارجع إلى الإحسان إلى والدك، وانصح له وتحمل ما قد يقول لك من الكلام السيئ، وادع الله له بالهداية صادقًا في سجودك وبغير هذا من أحوالك، لعل الله يهديه بأسبابك، وأحسن إليه بالمال إن كان فقيرًا وأنت تقدر، وهذا كله فيه خير لك، ومما يرضي الله سبحانه وتعالى، والوالد ليس مثل الناس الآخرين، لا بل له شأن آخر، فاتق الله في والدك، وأحسن إليه وارجع إلى مناصحته والاستمرار في المشورة عليه لكن بالأسلوب الحسن لا بالعنف ولا بالشدة، بل: يا والدي! هداك الله، يا والدي هذا أمر خطير، يا والدي! هذا حرمه الله، يا والدي! هذا فيه من المضار كذا وكذا في الأوقات المناسبة، في الأوقات التي تراه أكثر قبولًا لنصحيتك، ثم استعن بالله على ذلك واسأله أن يهديه وأن يعينك عليه، وأن يشرح صدره للحق، وهكذا تستعين بمن له قدرة على مساعدتك من أقاربك ومن أصدقاء والدك، يأتون إليه وينصحونه بالأساليب الحسنة، ويساعدونك في هذا الخير العظيم.
هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك ولوالدك الهداية والتوفيق.

فتاوى ذات صلة