ما يفعله الزائر للمدينة المنورة

السؤال: ما الذي ينبغي للحاج أن يفعله بالمدينة، وما الفرق بين زيارة قبر الرسول ﷺ والطواف به؟

الجواب: السنة لمن زار المدينة أن يقصد المسجد ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ويكثر من الصلاة فيه، ويكثر من ذكر الله وقراءة القرآن وحضور حلقات العلم. وإذا تيسر له أن يعتكف ما شاء الله فهذا حسن، ويسلم على النبي ﷺ وعلى صاحبيه.
هذا ما يشرع لزائر المدينة، وإذا أقام بها أوقاتًا يصلي بالمسجد النبوي فذلك خير عظيم؛ لأن النبي ﷺ قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام[1].
فالصلاة في مسجده ﷺ مضاعفة.
أما ما شاع بين الناس من أن الزائر يقيم ثمانية أيام حتى يصلي أربعين صلاة فهذا وإن كان قد روي في بعض الأحاديث: إن من صلى فيه أربعين صلاة كتب الله له براءة من النار، وبراءة من النفاق[2] إلا أنه حديث ضعيف عند أهل التحقيق لا تقوم به الحجة؛ لأنه قد انفرد به إنسان لا يعرف بالحديث والرواية، ووثقه من لا يعتمد على توثيقه إذا انفرد.
فالحاصل أن الحديث الذي فيه فضل أربعين صلاة في المسجد النبوي حديث ضعيف لا يعتمد عليه. والزيارة ليس لها حد محدود، وإذا زارها ساعة أو ساعتين، أو يومًا أو يومين، أو أكثر من ذلك فلا بأس.
ويستحب للزائر أن يزور البقيع ويسلم على أهله ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة.
ويستحب له أن يزور الشهداء ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة.
ويستحب له أن يتطهر في بيته ويحسن الطهور ثم يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين كما كان النبي يزوره عليه الصلاة والسلام، أما الطواف بقبر النبي فهذا لا يجوز، وإذا طاف بقصد التقرب إلى النبي فهذا شرك بالله ، فالطواف عبادة حول الكعبة لا تصلح إلا لله وحده، ومن طاف بقبر النبي ﷺ أو قبر غيره من الناس يتقرب إليهم بالطواف صار مشركًا بالله ع، وإن ظن أنه طاعة لله، وفعله من أجله يتقرب به إليه صار بدعة.
وهكذا حكم الطواف عند قبر غير النبي ﷺ مثل قبر الحسين، أو البدوي في مصر، أو ابن عربي في الشام، أو قبر الشيخ عبدالقادر الجيلاني، أو موسى الكاظم في العراق، أو غير ذلك.
وينبغي أن نفرق بين الزيارة للميت وبين عبادة الله وحده، فالعبادة لله وحده، والميت يزار لتذكر الآخرة أو الزهد في الدنيا والدعاء والترحم عليه، أما أنه يعبد من دون الله، أو يدعى من دون الله، أو يستغاث به أو ما أشبه ذلك، فذلك لا يجوز بل هو من المحرمات الشركية. ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من ذلك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[3].
  1. رواه البخاري في (الجمعة) باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1190، ومسلم في (الحج) باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة برقم 1394
  2. رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم 12173
  3. نشر في كتاب (فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة) لسماحته ص 139 (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 17/ 405).
فتاوى ذات صلة