إبطال دعوى أن جدة ميقات لجميع الوافدين إلى مكة للحج أو العمرة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: 
فإن رسول الله ﷺ بين مواقيت الإحرام التي لا يجوز لمن مر بها يريد الحج أو العمرة تجاوزها بدون إحرام وهي: 
  • ذو الحليفة (أبيار علي): لأهل المدينة ومن جاء عن طريقهم. 
  • والجحفة: لأهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء عن طريقهم. 
  • ويلملم (السعدية): لأهل اليمن ومن جاء عن طريقهم. 
  • وقرن المنازل (السيل الكبير): لأهل نجد وأهل المشرق ومن جاء عن طريقهم. 
  • وذات عرق: لأهل العراق ومن جاء عن طريقهم. 
ومن كان منزله دون هذه المواقيت مما يلي مكة فإنه يحرم من منزله حتى أهل مكة يحرمون من مكة للحج، وأما العمرة فيحرمون بها من أدنى الحل. 
ومن مر بهذه المواقيت قادمًا إلى مكة وهو لا يريد حجًّا ولا عمرة فإنه لا يلزمه إحرام على الصحيح، لكن لو بدا له أن يحج أو يعتمر بعد ما تجاوزها فإنه يحرم من المكان الذي نوى فيه الحج أو العمرة، إلا إذا نوى العمرة وهو في مكة فإنه يخرج إلى أدنى الحل ويحرم -كما سبق- فالإحرام يجب من هذه المواقيت على كل من مر بها أو حاذاها برًا أو بحرًا أو جوًا وهو يريد الحج أو العمرة.
والذي أوجب نشر هذا البيان أنه صدر من بعض الأخوة في هذه الأيام كتيب اسمه: (أدلة الإثبات أن جدة ميقات) يحاول فيه إيجاد ميقات زائد على المواقيت التي وقتها رسول الله ﷺ حيث ظن أن جدة تكون ميقاتًا للقادمين في الطائرات إلى مطارها أو القادمين إليها عن طريق البحر أو عن طريق البر فلكل هؤلاء أن يؤخروا الإحرام إلى أن يصلوا إلى جدة ويحرموا منها، لأنه بزعمه وتقديره تحاذي ميقاتي السعدية والجحفة فهي ميقات وهذا خطأ واضح يعرفه كل من له بصيرة ومعرفة بالواقع؛ لأن جدة داخل المواقيت والقادم إليها لابد أن يمر بميقات من المواقيت التي حددها رسول الله ﷺ أو يحاذيه برًا أو بحرًا أو جوًا فلا يجوز له تجاوزه بدون إحرام إذا كان يريد الحج أو العمرة لقوله ﷺ لما حدد هذه المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة» فلا يجوز للحاج والمعتمر أن يخترق هذه المواقيت إلى جدة بدون إحرام ثم يحرم منها لأنها داخل المواقيت. 
ولما تسرع بعض العلماء منذ سنوات إلى مثل ما تسرع إليه صاحب هذا الكتيب فأفتى بأن جدة ميقات للقادمين إليها صدر عن هيئة كبار العلماء قرار بإبطال هذا الزعم وتفنيده جاء فيه ما نصه:
  "وبعد الرجوع إلى الأدلة وما ذكره أهل العلم في المواقيت المكانية ومناقشة الموضوع من جميع جوانبه فإن المجلس يقرر بإجماع ما يلي: 
  1. أن الفتوى الصادرة بجواز جعل جدة ميقاتًا لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية فتوى باطلة لعدم استنادها إلى نص من كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ أو إجماع سلف الأمة، ولم يسبقه إليها أحد من علماء المسلمين الذين يعتد بأقوالهم. 
  2. ولا يجوز لمن مر بميقات من المواقيت المكانية أو حاذى واحدًا منها جوًا أو برًا أو بحرًا أن يتجاوزها من غير إحرام كما تشهد لذلك الأدلة، وكما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى. 
ولواجب النصح لله ولعباده رأيت أنا وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار هذا البيان حتى لا يغتر أحد بالكتيب المذكور" انتهى[1]
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. 
 
  1. صدرت من مكتب سماحته، وفي جريدة (الندوة) العدد 11064 في 19/11/1415هـ، وفي جريدة (المسلمون) العدد 533 في 21/11/1415هـ وفي غيرها من الصحف المحلية. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 17/ 30).