دفاع المسلمين عن بلادهم من الجهاد

السؤال: أبناؤكم المرابطون على الجبهة يسألون سماحتكم: عما إذا كان لهم أجر المرابطة في سبيل الله.. وأنتم تعلمون أنهم يواجهون عدوًا، ثبت من سلوكياته أنه لا يرعى عهدًا ولا يحفظ حقًا؟ ويسألون أيضًا هل يدخل في الجهاد الدفاع عن الوطن والعرض والممتلكات؟ كما يأملون توجيه نصيحة لهم؟

الجواب: قد دل الكتاب والسنة الصحيحة، على أن الرباط في الثغور من الجهاد في سبيل الله، لمن أصلح الله نيته؛ لقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]، وقول النبي ﷺ: رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان[1] رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين، عن النبي ﷺ أنه قال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها[2].
 وفي صحيح البخاري رحمه الله عن النبي ﷺ أنه قال: من اغبرت قدماه في سبيل الله، حرمه الله على النار[3].
ولاشك أن الدفاع عن الدين والنفس والأهل والمال والبلاد وأهلها، من الجهاد المشروع، ومن يقتل في ذلك وهو مسلم يعتبر شهيدًا؛ لقول النبي ﷺ: من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد[4].
ونوصيكم أيها المرابطون في الجبهة، بتقوى الله، والإخلاص لله في جميع أعمالكم، والمحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة، والإكثار من ذكر الله والاستقامة على طاعة الله ورسوله، والحرص على اتفاق الكلمة، وعدم التنازع، والصبر والمصابرة في ذلك بنفس مطمئنة، وحسن الظن بالله، والحذر من جميع معاصيه.
ومن أجمع الآيات فيما ذكرنا، قوله في سورة الأنفال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ۝  [الأنفال:45-46].
سدد الله خطاكم، وثبتكم على دينه، ونصر بكم وبمن معكم الحق، وخذل بكم الباطل وأهله، إنه ولي ذلك والقادر عليه[5].
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
مفتي عام المملكة
 
  1. رواه مسلم في (الإمارة)، باب (فضل الرباط في سبيل الله) برقم 1913.
  2. رواه البخاري في (الجهاد والسير)، باب (فضل رباط يوم في سبيل الله) برقم 2892.
  3. رواه البخاري في (الجمعة)، باب (المشي إلى الجمعة)، برقم 907.
  4. رواه الترمذي في (الديات)، باب (ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد) برقم 1421.
  5. نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص 259. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 18/ 92).
فتاوى ذات صلة