حكم قول: (أشهد أن عليا ولي الله) و(حي على خير العمل)

س: ما حكم الله ورسوله في قوم يفعلون الأشياء التالية: يقولون في الأذان: (أشهد أن عليا ولي الله) و (حي على خير العمل) و (عترة محمد وعلي خير العتر)، وإذا توفي أحد منهم قام أقرباؤه بذبح شاة يسمونها: العقيقة، ولا يكسرن من عظامها شيئا، ثم بعد ذلك يقبرون عظامها وفرثها، ويزعمون أن ذلك حسنة ويجب العمل به، فما موقف المسلم الذي على السنة المحمدية وله بهم رابطة نسب؟ هل يجوز له شرعا أن يوادهم ويكرمهم ويقبل كرامتهم ويتزوج منهم ويزوجهم؟ علمًا بأنهم يجاهرون بعقيدتهم؟ ويقولون: إنهم الفرقة الناجية؟ وإنهم على الحق ونحن على الباطل؟

ج: قد بين الله على لسان نبيه محمد ﷺ ألفاظ الأذان والإقامة، وقد رأى عبدالله بن زيد بن عبدربه الأنصاري في النوم الأذان فعرضه على النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ إنها رؤيا حق وأمره أن يلقيه على بلال؛ لكونه أندى صوتا منه، ليؤذن به، فكان بلال يؤذن بذلك بين يدي رسول الله ﷺ حتى توفاه الله ولم يكن في أذانه شيء من الألفاظ المذكورة في السؤال.
وأما ما يرويه بعض الناس عن علي أنه كان يقول في الأذان: (حي على خير العمل) فلا أساس له من الصحة.
وأما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن علي بن الحسين زين العابدين- وعن أبيه- أنهما كانا يقولان في الأذان: (حي على خير العمل)، فهذا في صحته عنهما نظر، وإن صححه بعض أهل العلم عنهما، لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما؛ لأن مثلهما لا يخفي عليه أذان بلال ولا أذان أبي محذورة، وابن عمر رضي الله عنهما قد سمع ذلك وحضره، وعلي بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس، فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله ﷺ المعلومة المستفيضة في الأذان، ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما، ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقوال غيرهما؛ لأن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله العزيز على جميع الناس، كما قال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [النساء: 59] وقد رددنا هذا اللفظ المنقول عنهما، وهو قول عبارة: (حي على خير العمل) في الأذان إلى السنة فلم نجدها فيما صح عن رسول الله ﷺ من ألفاظ الأذان.
وأما قول علي بن الحسين رضي الله عنه فيما روي عنه: إنها في الأذان الأول، فهذا يحتمل أنه أراد به الأذان بين يدي الرسول ﷺ أول ما شرع، فإن كان أراد ذلك فقد نسخ بما استقر عليه الأمر في حياة النبي ﷺ وبعدها من ألفاظ أذان بلال، وابن أم مكتوم، وأبي محذورة، وليس فيها هذا اللفظ ولا غيره من الألفاظ المذكورة في السؤال.
ثم يقال: إن القول بأن هذه الجملة موجودة في الأذان الأول إذا حملناه على الأذان بين يدي رسول الله ﷺ غير مسلم به؛ لأن ألفاظ الأذان من حين شرع محفوظة في الأحاديث الصحيحة، وليس فيها هذه الجملة، فعلم بطلانها وأنها بدعة، ثم يقال أيضا: علي بن الحسين رضي الله عنه من جملة التابعين، فخبره هذا لو صح فيه الرفع فهو في حكم المرسل، والمرسل ليس بحجة عند جماهير أهل العلم، كما نقل ذلك عنهم الإمام أبو عمر بن عبدالبر في كتاب (التمهيد)، هذا إذا لم يوجد في السنة الصحيحة ما يخالفه، فكيف وقد وجد في الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة الأذان ما يدل على بطلان هذا المرسل، وعدم اعتباره!؟ والله الموفق[1].
  1. تمت الإجابة في هذا السؤال على ما يتعلق بالأذان، علما أن هذا من ضمن الأسئلة التي وجهت إلى سماحته من قبل الشيخ ص. ب. ي. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 10/ 352).
فتاوى ذات صلة