حكم التشبه باليهود والنصارى وغيرهم من الكفار

السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج متأثرة فيما يبدو أو صاحبها متأثر إلا أنه لم يذكر اسمه، بل كتب في نهاية الرسالة الزلفي، أخونا يقول: تعلمون أنه يجب على المسلم أن يكون ذا شخصية مميزة تابعة لتعاليم الدين الحنيف من المحافظة على هيئته ولباسه وتمسكه بالسنة المطهرة، وعدم التقليد المقيت لعادات مجتمعه، بل يتبع شرع الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحيث أنه جاءت في العالم الإسلامي عادات قادمة من الغرب والبلاد النصرانية، بل ودخلت في بعض الأنظمة كالنظم العسكرية ونظام الخدمة المدنية، وحيث أن الرسول ﷺ قد أمر بمخالفة اليهود والنصارى في كل شيء، وفي الحديث: لا تشبهوا بـاليهود ، فمن تشبه بقوم حشر معهم أو كما قال ﷺ، وحيث أن هناك حديثاً يقول الرسول ﷺ: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى ؟ قال: فمن؟! فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.

الجواب: نعم، الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله كما أمره الله بذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر الأمة من اتباع سنن من قبلها من الأمم الكافرة، من يهود أو نصارى أو مجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص، وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم وشرع لهم.. إلى غير ذلك، وأن لا يتشبهوا بأعدائهم، لا في أخلاقهم ولا في أعمالهم، ولا في أقوالهم، ولا في أعيادهم ولا في أزيائهم، ولهذا روى الإمام أحمد ورحمه بإسناد جيد عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث طويل: ومن تشبه بقوم فهو منهم أوله: بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
فالواجب على المؤمنين والمسلمين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى يتميزوا عن عدوهم، وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية، وأعمالهم الإسلامية، لكن لو وجد شيء مشترك بأن.. فعله المسلمون والكافرون فلا يسمى هذا تشبهاً كما وقع الآن في ركوب الطائرات، وركوب السيارات، والقطارات، كانت هذه أول عند أعدائنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، فهذا صار الآن مشتركاً ليس فيه تشبه بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم لهذه الطائرات، أو لهذه القطارات أو السيارات أن نستعملها، وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب، للمسلمين أن يأخذوها حتى يدافعوا بها عن دينهم وعن بلادهم، وحتى يعملوا بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60].
فالأمور التي للمسلمين فيها نفع يجوز أن يأخذوها من عدوهم ولا يسمى تشبهاً لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه يكون فيما اختصوا به وصار من زيهم خاص. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: هناك ميزان سماحة الشيخ، يبدو لي أنه في الأمور الدنيوية لا يرى سماحتكم أن في ذلك بأساً؟
الشيخ: إذا كان فيها نفع لنا ولا يختص بها المشركون، أما ما كان خاصاً بالمشركين وليس لنا فيه نفع ... لكن ما فيه نفع نأخذه، نأخذه منهم ونحتج بقوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] ... والله جل وعلا يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32].
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً الحذر في أمور الدين؟
الشيخ: الدين التي هي من أزيائهم وأخلاقهم ليست من ديننا، أما ما كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا بنا فيه، ولو شاركونا، كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى فلنرخيها نحن ولو أرخوها، لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأنا مأمورون بإرخائها، وهكذا لو بنوا مساجد وصلوا في مساجد صلواتهم لا نهدم مساجدنا، ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه.
المقدم: كذلك بعض الأنظمة التي تتخذ للعمل والعمال وما أشبه ذلك؟
الشيخ: كذلك ... التي تنفعنا نأخذ بها مثل نظام المرور، نظام الشرطة، نظام كذا .. نظام كذا.. الذي ينفع الأمة. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة