ما النصيحة لطالب علمٍ هاجرٍ لوالدته؟

السؤال: هذه رسالة من المرسل: (م. ق. ل) من جيزان يقول: هناك رجل طالب علم يصلي ويصوم ويتصدق، لكن مع الأسف قد هجر أمه فهل صلاته وصومه وصدقته تنفعه، وهو هاجر لأمه لا يلتفت إليها، وهي مؤمنة تصلي وتصوم، ونحن نعرفها بذلك؟

الجواب: على كل حال هجره لأمه منكر وعقوق عظيم يجب عليه التوبة إلى الله من ذلك، وعليه أن يرجع إلى برها والإحسان إليها والأخذ بخاطرها واستسماحها، هذا الواجب عليه، وليس له أن يبقى على الهجر وعلى العقوق بل هذا منكر عظيم وكبيرة عظيمة، يجب عليه تركها واستسماح والدته وطلب رضاها والتوبة إلى الله من ذلك .
أما صلاته وصومه وعباداته فلا تبطل، بل عباداته صحيحة وأعماله صحيحة، إذا أداها على الوجه الشرعي ولكن يكون إيمانه ضعيفاً، يكون إيمانه ناقصاً بهذه المعصية، فإن المعاصي عند أهل السنة تنقص الإيمان وتضعف الإيمان ولكن لا تكفر صاحبها، إنما يكفر عند الخوارج، الذين يكفِّرون بالذنوب وهم ظلمة فجرة في هذا قد أخطئوا وغلطوا عند أهل السنة والجماعة .
وأما أهل السنة فيقولون: لا، المعصية تنقص الإيمان ولكن لا يكون صاحبها كافراً ولا مخلداً في النار، بل هو عاص، ومعصيته تنقص إيمانه، تضعف إيمانه، تسبب غضب الله عليه وعلى خطر منها من دخول النار، ولكن لا يكون كافراً حتى ولو دخل النار لا يخلد فيها، هكذا أهل التوحيد -عند أهل السنة والجماعة - لا يخلدون في النار إذا دخلوها بمعاصيهم.
فالحاصل أن هجر أمه معصية وكبيرة وعقوق، ولكن لا يكون ذلك من أسباب كفره ولا بطلان عمله، إلا إذا استحل ذلك ورأى أن عقوق الوالدين حلال، هذا يكون كافراً -نعوذ بالله-؛ من استحل عقوق الوالدين وأنه حلال أو استحل الربا ورأى أنه حلال أو استحل الزنا ورأى أنه حلال؛ هذا يكون كافراً مرتداً عن الإسلام إلا أن يكون مثله يجهل، كالبعيد عن الإسلام الذي نشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام، يُعَلَّم فإذا بُيِّن له أن هذا مما فرضه الله، بر الوالدين مما فرضه الله، وأن عقوقهما مما حرم الله، إذا عُلِّم وبُيِّن له ثم أصر يكون كافراً، نعوذ بالله.
المقدم: هذا طالب علم يا شيخ!
الشيخ: إذا كان طالب علم على كل حال تكون كبيرته أشد، نسأل الله العافية.
المقدم: جزاكم الله خير وبارك الله فيكم.
فتاوى ذات صلة