حكم الجمع بين مطلقة رجل وابنته من غيرها

السؤال: هل يجوز الجمع بين مطلقة رجل وابنته من غيرها، وما حكم القاعدة المشهورة التي نصها: (كل امرأتين بينهما قرابة لو كانت إحداهما ذكرًا لم يجز له أن يتزوج الأخرى حرم الجميع بينهما).

الجواب: قد نص أهل العلم في باب المحرمات في النكاح على هاتين المسألتين، وأوضحوا أنه لا حرج في جمع الرجل بين امرأة رجل توفي عنها أو طلقها، وبين ابنته من غيرها، وذكروا في ذلك أن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما جمع بين إحدى زوجات عمه علي رضي الله عنه بعد وفاته، وبين ابنته من غيرها، وهذا الجمع لا يخالف القاعدة المذكورة؛ لأن المرأتين المذكورتين ليس بينها قرابة تحريم النكاح إحداهما للأخرى لو كانت إحداهما ذكرًا، وإنما الذي بينهما مصاهرة، والمصاهرة في هذا لا تمنع الجمع.
أما المرأتان اللتان بينهما قرابة تمنع نكاح إحداهما للأخرى لو كانت إحداهما ذكرًا، فهي تتصور في الأختين، والمرأة وخالتها، والمرأة وعمتها نسبًا ورضاعًا، وفي مسائل أخرى، وقد جاء النص القرآني في تحريم الجمع بين الأختين في قوله سبحانه في سورة النساء: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23] الآية.
وصح عن الرسول الله ﷺ من حديث أبي هريرة وجابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أنه نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، أخرج حديث أبي هريرة الشيخان وانفرد البخاري عن مسلم بحديث جابر، وذكر البخاري رحمه الله في كتاب النكاح، في باب ما يحل ويحرم من النساء، أثر عبدالله بن جعفر الذي ذكرنا معلقًا بصيغة الجزم، ولفظه: وجمع عبدالله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي، ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حل الجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها عن الأئمة الأربعة، وأكثر أهل العلم، ذكر ذلك عنه العلامة الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله في المجلد الثاني و الثلاثين من مجموع الفتاوى (ص71)، ونقل الحافظ ابن حجر في (الفتح) مثل ما فعل عبدالله بن جعفر عن صحابي يدعى جبلة تولى إمرة مصر، ونقل مثل ذلك نسبًا عن عبدالله بن صفوان بن أمية.
وبذلك يتضح لكم أنه لا وجه للتوقف في حل هذه المسألة؛ لأن من ذكر فعلوا ذلك من غير نكير؛ ولأن الأصل حل ذلك، فلا يحرم من الفروج إلا ما حرمه الله سبحانه؛ لأن الله عز وجل لما ذكر المحرمات في النكاح في سورة النساء قال بعد ذلك: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24]، فعلم بذلك أنه لا يحرم من النساء إلا ما قام الدليل على تحريمه، وهكذا الجمع بين النساء لا يحرم منه إلا ما نص الشرع على تحريمه، وينبغي أن يعلم أن الخؤولة والعمومة لا فرق فيهما بين القرب والبعد، فيحرم على الرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها وإن علت، وبينها وبين ابنة أخيها، و إن سفلت وهكذا يحرم عليه أن يجمع بين المرأة وخالتها وإن علت، وبين المرأة وابنة أختها وإن سفلت، كما نص على ذلك أهل العلم، ووجه ذلك أن عمة الرجل والمرأة تعتبر عمة لأولادهما وإن سفلوا وهكذا الخالة[1].
 
  1. نشر في (مجلة الجامعة الإسلامية) بالمدينة المنورة، العدد الثالث، السنة السابعة عام 1395هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 21/ 17).
فتاوى ذات صلة