الحكم على حديث: (لا صلاة لجار المسجد...) ومعناه

السؤال:

رسالة من أحد الإخوة المستمعين، هو عماد الدين عبدالقادر فضل الله، من السودان بعث يسأل ويقول: ما مدى صحة الحديث القائل: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد؟ وإن كان صحيحًا فهل معناه: أن الشخص الذي يجاور مسجدًا لا تقبل له صلاة إلا في المسجد أم ماذا؟

أفتونا، بارك الله فيكم.

الجواب:

الحديث ضعيف، لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ضعيف، ولكنه مشهور عن علي ، وقد ثبت عن النبي ﷺ ما يغني عنه، وهو قوله ﷺ: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر يعم الجار وغير الجار؛ ولما جاءه رجل أعمى، قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له ﷺ: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب فإذا كان أعمى ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره؟!

فالواجب على جميع المكلفين الحضور للصلاة في الجماعة، وأداؤها في المسجد مع الناس، ولا يجوز له التخلف عنها بوجه من الوجوه.

ولكن لو تخلف لكسل أو نوم صلاها ويفوته فضل الجماعة، صلاها وتصح، تصح صلاته لكنه يأثم إذا تعمد التأخر يأثم، أما إذا كان مغلوبًا على أمره بنوم أو غيره ليس باختياره، فالله -جل وعلا- يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم [التغابن:16].

أما إذا كان يتساهل في النوم، ولا يجعل ساعة، ولا من يوقظه، فهذا يؤاخذ بذلك؛ لأنه مفرط فهو آثم بذلك، لكن لو جعل الساعة، أو جعل من يوقظه، ثم لم يسمع الساعة، ولم يتيسر من يوقظه نام الموقظ، فلا حرج عليه، فقد ثبت عن النبي ﷺ «أنه نزل ذات ليلة في السفر في آخر الليل، وأمر بلالًا أن يرقب لهم الفجر، حتى يوقظهم فامتثل بلال، واتكأ على ناقته ينظر الصبح حتى يخبرهم إذا طلع الصبح، فأخذه النوم، ونام معهم، ونام مثلما ناموا، فلم يستيقظوا إلا بعدما مسهم حر الشمس، فلما استيقظوا قال النبي ﷺ لـبلال: أين كنت يا بلال؟! فقال: لقد أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفسكم» فلم يعاتبه النبي ﷺ، وتوضؤوا وصلوا، تحولوا عن مكانهم، يقال: إنه موضع حضر فيه الشيطان، ثم توضؤوا وصلوا كما كانوا يصلون في وقتها.

فالمقصود: أن الإنسان إذا فعل الأسباب، واجتهد، ثم لم تنفع الأسباب فلا شيء عليه، جعل الساعة، ولكن ما سمعها، أمر زوجته وهي تقوم أو أمه أو أباه، ولكن قدر أنهم تلك الليلة ما قاموا فلا حرج عليه، لكن بشرط: أن لا يكون مصيف، أما إذا كان يتعمد الصيفة فهو مفرط، المصيف يشتد به النوم، ولا يستمع ما يسمع صوت الساعة.

فالحاصل: أنه لا بد من فعل الأسباب، ومنها أن يبكر بالنوم لا يسهر.
المقدم: المصيف معناه: المتأخر سماحة الشيخ؟

الشيخ: هو المتأخر الذي يتأخر عن النوم، نعم.

فالحاصل: إن الواجب على المؤمن أن يفعل الأسباب التي تعينه على أن يصلي مع المسلمين في الوقت الفجر وغير الفجر، ومن أشدها الفجر، وهي أشدها على المنافقين أيضًا، فلا يليق بالمؤمن أن يتشبه بأعداء الله المنافقين، بل عليه أن يبكر في النوم، لا يسهر حتى يستيقظ، وعليه مع هذا أن يستعمل الساعة التي يركبها على الوقت، وإذا كان عنده أهل عندهم يقظة في آخر الليل: أم وإلا خالة وإلا زوجة جيدة تستيقظ، يؤكد عليهم أن يوقظونه، قد لا يسمع الساعة أيضًا فيؤكد عليهم حتى يوقظوه، يفعل الأسباب التي يستطيعها، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة