حكم التوابيت والأضرحة للموتى في المساجد

السؤال:

رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: حسين إسماعيل العيدروس من اليمن الديمقراطية -حضرموت- تاربة، أخونا له مجموعة من الأسئلة، يسأل في سؤاله الأول ويقول:

هل التوابيت والقبور والأضرحة للأموات حرام، وإذا كانت في مسجد، فماذا نعمل أنفصلها؟ أم نتركها ملتحمة بالمسجد؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

السنة الدفن في الأرض لا في تابوت، ولا في غيره من الصناديق، ولا يجصص القبر ولا يزفلت، ولا يوضع فيه شيء آخر من الحديد أو الألواح أو غير ذلك، السنة أن يدفن الميت في الأرض كما دفن ﷺ في الأرض ودفن الصحابة في الأرض، وهكذا غيرهم، يحفر لهم في الأرض ويلحد له، ويجعل في الأرض: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ [طه:55]، لكن إذا كانت الأرض رخوة مائية ضعيفة فلا مانع من جعله في تابوت، أو جعل ألواح تحته حتى تمسكه لا تنهار الأرض به، أو حجارة.. أو نحو ذلك لا بأس بذلك عند الحاجة، أما إن كانت الأرض قوية فلا حاجة إلى شيء من ذلك.

أما الدفن في المسجد فلا يجوز، يجب أن تكون القبور خارج المسجد؛ لأن دفن القبور في المساجد وسيلة إلى عبادة الأموات من دون الله ، والنبي ﷺ قال: لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم، كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك رواه مسلم في الصحيح، عن جندب بن عبد الله البجلي .

هذا يدل على أنه لا يجوز اتخاذ القبور مساجد يصلى فيها، وإذا كان الأمر هكذا لم يجز أيضًا الدفن فيها؛ لأن الدفن فيها يجعل القبور مساجد.

وإذا وجد في المسجد قبر وجب أن ينبش وتنقل رفاته إلى المقبرة، أما إن كان القبر هو القديم، وبني عليه مسجد وجب هدم المسجد، وأن لا يصلى فيه وأن لا يبقى، بل يهدم؛ لأنه بني على معصية الله، فلا يبقى بل تجب إزالته، ولا ينبغي أن يغتر بما وقع في بعض البلدان الإسلامية من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها فإن هذا منكر، وإن فعله كثير من الناس فهو منكر تجب إزالته على ولاة الأمور، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يزيلوا هذا المنكر، وأن لا يبنوا على القبور وأن لا يتخذوا عليها المساجد؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، وكذلك لا تجصص، ولا يبنى عليها قبة، ولا أي بناء، لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر أنه: «نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها»، رواه مسلم في الصحيح.

فالقبر لا يبنى عليه، لا قبة ولا غيرها ولا يجصص ولا يتخذ عليه قبة ولا مسجدًا، كل هذا منكر، وإن فعله بعض الناس كما قد يوجد في مصر والشام والعراق وغير ذلك، كله غلط.

نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور في كل مكان لإزالة هذه المساجد، وإبقاء القبور على الطريقة المحمدية التي درج عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام في مقابر مكشوفة لا يبنى عليها، لا مساجد ولا غيرها، ولا تجصص ولا تعظم بفعل بأي شيء، بل الواجب أن يدفن الموتى في الأرض كما كان الرسول يفعل عليه الصلاة والسلام في المدينة، وكما فعله المسلمون بعده، والبناء عليها واتخاذ القباب وسيلة إلى عبادتها من دون الله، وسؤالها والاستغاثة بها والنذر لها، والذبح لها، وهذا هو الشرك الأكبر، كما قد وقع، وقد يطاف بالقبور إذا وضعت في المساجد كما قد يفعل ذلك كثير من الناس في قبور معروفة.

وبسبب هذا الغلو وقع الشرك في الناس لما بني على القبور وعظمت ظن العامة أنها تدعى من دون الله وأنه يستغاث بها وأنه يطاف بها ففعلوا، فوقع الشرك الأكبر، والعياذ بالله.

نسأل الله للجميع العافية والهداية. نعم.

فتاوى ذات صلة