الكلام على التمذهب واللامذهبية والسلفية

السؤال:

أخونا يسأل ويقول: هل الإنسان ملزم باتباع مذهب معين، وهناك كتاب عنوانه: (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية) هل اللامذهبية بدعة؟ وكتاب آخر عنوانه: (السلفية مرحلة متميزة مباركة ولكنها ليست مذهبًا إسلاميًا) ما هو رأيكم فيما سبق؟ جزاكم الله خيرًا، والكتابان اللذين ذكرتهما لعالم كبير.

الجواب:

المذهبية ليست لازمة، ومن قال: إنه يلزم الناس أن يتمذهبوا بمذهب أحمد أو مالك أو الشافعي فقوله غير صحيح، المذاهب جديدة حدثت بعد الصحابة وبعد التابعين، فليست لازمة لأحد، إنما هي أقوال علماء اشتهروا ودونت أقوالهم فاشتهرت هذه المذاهب.

فأحمد رحمه الله ومالك رحمه الله والشافعي رحمه الله وأبو حنيفة رحمه الله علماء من جنس الثوري من جنس الأوزاعي من جنس إسحاق بن راهويه، فكما أنه لا يلزمنا أن نأخذ أقوال الثوري أو ابن عيينة أو إسحاق أو الأوزاعي أو غيرهم، فكهذا لا يلزمنا أن نأخذ قول أحمد أو مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة، ولكن ننظر في مسائل الخلاف فما وافق الحق من أقوالهم أخذناه وما خالفه تركناه.

وما أجمع عليه العلماء وجب الأخذ به، ولم يكن هناك عذر في مخالفته، ما أجمعوا عليه وجب الأخذ به والتمسك به، وما اختلفوا فيه وجب عرضه على الكتاب والسنة كما قال الله : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[النساء:59]، فما وافق الكتاب والسنة أخذناه، وما خالفهما تركناه.

وقول من قال: اللامذهبية، هذا إن أراد أن لا يجب التمذهب وليس بلازم فهو صحيح، وإن أراد أنه لا يجوز أن ينتسب فليس بصحيح، يجوز أن يتنسب الإنسان أن يكون شافعيًا أو حنبليًا أو مالكيًا أو حنفيًا؛ لأنه نشأ على ذلك، وتعلم على مشايخهم.. ونحو ذلك؛ لا بأس أن ينتسب، الانتساب لا يضر، إنما المهم أن لا يقلد ويتعصب، بل متى ظهر الحق أخذ به ولو في غير مذهبه، لا يجوز التعصب والتقليد الأعمى.

فإذا أراد من قال اللامذهبية مراده يعني: أن لا تعصب ولا تقليد أعمى فهذا صحيح، أما إن أراد أنه لا يجوز الانتساب إلى هذه المذاهب هذا مخالف لما عليه أهل العلم ولا وجه له، إنما المنكر التعصب لزيد أو عمرو ولو قال خطأً، والتقليد الأعمى الذي ليس معه نظر ولا تفكير في الأدلة هذا هو الممنوع، وأما كونه ينتسب لمذهب لكنه يخالفه فيما خالف الحق ويأخذ بالحق مع من كان هذا صواب.

وأما السلفية فالمعنى فيها سلوك مسلك السلف في أسماء الله وصفاته، والإيمان بها وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والأخذ بالدليل وعدم التقليد الأعمى والتعصب هذا مراد السلفية.

فالسلفية، هي طريق النبي ﷺ وطريق أصحابه، هي الطريقة المحمدية، إذا صار أهلها عندهم علم وعندهم بصيرة؛ لأنه قد يدعي السلفية من هو جاهل، فالاعتبار بمن أتقن علم السنة وعرف علم السنة واتبع ما كان عليه الرسول ﷺ وأصحابه، هذا هو السلفي الذي يعتني بما عليه السلف الصالح ويسير على نهجهم، فيأخذ بالدليل ويؤمن بآيات الله وأسمائه وصفاته، ويسير على نهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته، على الوجه اللائق بالله ويقول: إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، ويقول: إنه يرى يوم القيامة وفي الجنة يراه المؤمنون، كل هذا حق، كل هذا قول السلف الصالح، وهو قول النبي ﷺ  أصحابه.

فالسلفي هو الذي ينتسب إلى سلف الأمة، وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، فإن كان فاهمًا وملتزمًا بما عليه السلف فهو صادق، وإن كان يقوله باللسان ولكنه لا يمثله بالعمل يكون كاذبًا في قوله، فلابد من الصدق، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة