الوتر آخر الليل أفضل من أوله

السؤال:

السائلة (ن. ح) من البحرين تقول: هل يجوز تأخير صلاتي الشفع والوتر إلى حين قيام الليل؛ بأن أُصلي صلاة الليل ثم أختمها بالشفع والوتر، أو أنه يجب الإتيان بها قبل النوم؟

الجواب:

المؤمن والمؤمنة مخيَّران، مَن شاء أوتر في أول الليل، ومَن شاء في آخره، والأفضل آخر الليل لمن تيسر له ذلك؛ لقول النبي ﷺ: مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فليُوتر أوله، ومَن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل[1] رواه مسلم في "الصحيح".
وإذا تيسر للمؤمن أو المؤمنة الإيتار والتهجد آخر الليل كان ذلك أفضل؛ لأن ذلك وقت نزول الله، ووقت إجابة الدعاء؛ لما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الفجر[2]، وفي لفظٍ آخر: يقول سبحانه: هل من سائلٍ فيُعطى سؤله؟ هل من مُستغفرٍ فيغفر له؟ هل من تائبٍ فيتاب عليه؟[3]، وهذا الحديث العظيم متواتر عن رسول الله ﷺ.

وهذا النزول يليق بالله، لا يُشابهه شيء من خلقه في جميع صفاته، لا بكيفٍ، ولا بمثلٍ، كاستوائه على عرشه، وكسمعه وبصره، وغضبه ورضاه، ونحو ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يُشابه فيها خلقه .
هكذا قال أهل السنة والجماعة: يجب إثبات صفات الله كما جاءت في الكتاب والسنة على وجهٍ يليق به كما قال جل وعلا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]، وقال سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 4].

والسنة أن يجعل المؤمنُ آخر وتره ركعةً واحدةً، يقرأ فيها الفاتحة، وقل هو الله أحد، ثم يركع، ثم يرفع، وإن أوتر بثلاثٍ بتشهدٍ واحدٍ وسلامٍ واحدٍ فلا بأس، وإن سرد خمسًا فلا بأس، ولكن الأفضل مثنى مثنى، يُسلِّم كل اثنتين، ويُوتر بواحدةٍ؛ لقوله ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبح صلَّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلى[4] متفق على صحته.

فهذه السنة، أما إن كان يخاف ألا يقوم آخر الليل، فالسنة أن يُوتر أول الليل، يصلي ثنتين أو أربعًا أو ستًّا أو ثمانٍ أو أكثر، ويُسلِّم من كل ركعتين، ثم يُوتر بواحدةٍ قبل أن ينام[5].

  1. رواه مسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) برقم (1255).
  2. رواه البخاري في (الجمعة) برقم (1077)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1261) و (1265)، والإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (7196).
  3. رواه مسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1263) و (1265)، والإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (9230).
  4. رواه البخاري الجمعة (991)، ومسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، والترمذي الصلاة (461)، والنسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، وأبو داود الصلاة (1421)، وابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1175)، ومالك النداء للصلاة (269) ، والدارمي الصلاة (1458).
  5. من برنامج (نور على الدرب)، الشريط رقم (63). (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 11/ 313).
فتاوى ذات صلة