حكم إقامة الولائم بعد دفن الميت والتهليل والزغاريد

السؤال:
سؤاله الأخير يقول: هل يجوز أن ينصب للميت بعد دفنه؛ لأن هناك بعض العادات القديمة ينصبون، ويجلسون ثلاثة أيام، والبعض سبعة أيام..
الشيخ: أعد.
المقدم: هل يجوز أن ينصب للميت بعد دفنه؛ لأن هناك بعض العادات القديمة ينصبون، ويجلسون ثلاثة أيام، والبعض سبعة أيام، وعند ذلك يدفع نقودًا عند العزاء، ويسجلون الأسماء ويحضرون الذبائح، وبعد ذلك يحضر المشايخ والدراويش، ويهللوا ويزغردوا، ويسمونها بالتهليلة على الميت، ويقولون: إن الذي لا يأكل من العزاء لا يحب المرحوم، ما هو المفروض بعد دفن الجثة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الجواب:
أما النصب فلم يوضحه السائل ما هو النصب؟ لم يوضحه، والسنة في حق الميت إذا فرغ من دفنه أن يدعى له بالمغفرة والثبات، كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال:  استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل، ولا يجوز البناء على قبره، ولا اتخاذ مسجد على قبره، بل يجب أن يترك هكذا في الصحراء ضاحيًا للشمس، ليس عليه بناء، والرسول ﷺ لعن اليهود و النصارى على اتخاذهم المساجد على القبور.
فالواجب أن تبقى القبور هكذا، ليس عليها بناء، ونهى أن تجصص، وأن يقعد عليها، وأن يبنى عليها، وأما العزاء اتخاذ ذبائح من أهل الميت يدعون لها الناس، ويجتمعون عليها ثلاثة أيام أو أكثر؛ هذي بدعة من أمر الجاهلية لا تجوز.
أما المستحب فهو أن يبعث لهم طعام، يبعث لأهل الميت طعام من جيرانهم، ومن أقاربهم أيام الموت؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، فلا بأس بذلك.
والنبي ﷺ لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب ، لما قتل في دومة في الشام، وجاء نعيه إلى المدينة؛ أمر أهل بيته أن يصنعوا طعامًا لأهل جعفر ، قال: اصنعوا لهم طعامًا فإنه قد أتاهم ما يشغلهم، فإذا صنع جيرانهم أو أقاربهم لهم طعامًا وبعثوه إليهم في بيوتهم؛ هذا مشروع لا بأس به، وإذا دعوا إليه من يأكل معهم من جيرانهم؛ لأنه طعام كثير، ودعوا إليه من يأكله معهم فلا بأس. 
أما أن يقوم أهل الميت بصناعة الطعام وذبح الذبائح ودعوة الناس، هذا بدعة ومنكر، ومن أمر الجاهلية، وهكذا الزغردة والصياح والكلام الفارغ الذي يفعلونه بمناسبة الميت، لا أصل له، وقد قال جرير بن عبد الله البجلي : "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة" ، رأى أنه يعد من النياحة عند أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
فالمشروع لأهل الميت الصبر والاحتساب، وأن يستعملوا ما شرع الله من الصبر والاحتساب، وقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والسنة لأقاربهم وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعامًا وقت المصيبة، اليوم الأول أو الثاني أو الثالث.. ليس له حد، ولا مانع أن يدعو بعض جيرانهم أو أقاربهم؛ ليأكلوا معهم مما بعث إليهم من الطعام، أما أن يصنعوا طعامًا هم ويذبحوا ذبائح، أو يحبسوا أنفسهم في البيت من أجل المصيبة لا، هذا ليس من أمر الإسلام، بل هو من أمر الجاهلية، فالمصاب له أن يخرج، وله أن يذهب إلى حاجاته وإلى مزرعته وإلى حاجاته الأخرى، وإذا جلس بعض الوقت المعتاد؛ ليسلم عليه من يزوره للعزاء، فلا بأس بذلك، وإن سلموا عليه في الطريق أو في المقبرة قبل الدفن أو بعد الدفن، كل ذلك لا بأس به يكفي، في الطريق، في المسجد، في المقبرة، قبل الدفن، بعد الدفن، في بيته؛ كل ذلك واسع، ولا يلزمه أن يبقى في البيت أو يشرع له أن يبقى في البيت يحبس نفسه لأجل ذلك، وفق الله الجميع. نعم.
المقدم: اللهم آمين.
فتاوى ذات صلة