التوسل بالجاه غير مشروع

السؤال:

هذا السائل من جدة رمز لاسمه بـ (ن. ع) يقول: هل يجوز للإنسان يا سماحة الشيخ! أن يدعو في دعائه بقول: اللهم بحق محمد عندك؛ لأنني سمعت بعض الناس يقولون: بأن آدم عندما أذنب دعا وقال لربه: بجاه محمد عندك اغفر لي، وجزاكم الله خيرًا يا سماحة الشيخ؟ 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فهذا التوسل لا يجوز؛ لأن الوسائل توقيفية عبادة لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، والله يقول سبحانه: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] فلا يدعى إلا بأسمائه وصفاته والإيمان به، وتوحيده -جل وعلا- ولا يدعى بما يراه الإنسان من التوسلات، ولا بجاه فلان، ولا بحق فلان، ولا بحق محمد، ولا بجاه محمد، ولا بجاه الأنبياء، ولا بحق الأنبياء، كل هذا لا يجوز، هذا هو الصواب؛ لأن التوسل عبادة والعبادة توقيفية، لا تثبت بالرأي المجرد، والاختيار لا، لا بد من الدليل على ذلك، قال الله -جل وعلا-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] أنكر عليهم : وقال : ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِِ فَاتَّبِعْهَا [الجاثية:18].

وقال النبي ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد وقال ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد والشريعة جاءت بالتوسل بأسماء الله وصفاته، والإيمان به وتوحيده.

اللهم إني أسألك بأني أؤمن بك، بتوحيدي لك، بإخلاصي عبادتك إلى غير ذلك، بأسمائك وصفاتك، بصلاتي بصومي بحجي ببري لوالدي إلى غير ذلك. فالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته والإيمان به، أو بالأعمال الصالحات كل هذا لا بأس به وسيلة شرعية.

ومن هذا حديث الغار، أصحاب الغار ثلاثة كانوا في سفر فيمن قبلنا أخبر عنهم النبي ﷺ فآواهم المبيت إلى غار، وفي رواية: المطر، فلما دخلوا الغار انحدرت عليهم صخرة فسدت عليهم الغار، وكانت عظيمة لم يستطيعوا دفعها.

فقالوا -فيما بينهم-: إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم؛ ففرج الله عنهم الصخرة، الأول: من توسل ببره لوالديه، والثاني: توسل بعفته عن الزنا، والثالث: توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم.

هذه هي الوسيلة الشرعية، أسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به والأعمال الصالحات، أما التوسل بجاه النبي، أو بحق النبي، أو بجاه الأنبياء، أو بحق الأنبياء، أو بجاه المؤمنين، كل هذا غير مشروع، بل هو بدعة.

وأما حديث أن آدم توسل بمحمد ﷺ أو بحق محمد ﷺ هذا حديث موضوع غير صحيح، بل نبه العلماء على أنه موضوع لا صحة له، ولا أصل له، ولا أساس له. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ. 

فتاوى ذات صلة