فأنت نسيج وحدك في البرايا

د/ أحمد بن محمد الضبيب
لجسمك أن يُغَيِّبه الرحيل ولكن طيب ذكرك لا يزول
لقد دمعت لفقدك كل عين أصاب سوادها الخطب الجليل
فلم تكُ في حياتك غير حرٍّ أمين لا يطيش ولا يميل
ولم تكن الحياة لديك إلا مراح مسافر سفرًا يطول
فلم تذخر لنفسك غير ذخر جميل صاغه فعل جميل
وجدنا فيك رأيًا لا يُضاهى وعلمًا زانه خلق نبيل
بنيتَ على الشريعة كل فتوى وكنتَ عن الشريعة لا تحول
وبعض القوم فتواهم عجول وبعض القوم فتواهم فضول
فكنتَ تردهم ردًّا جميلًا إذا ما زاغ غِرٌّ أو جهول
تُبين ما ترى بأعفِّ قولٍ وتتبع بالأدلة ما تقول
وتنهج نهج داعيةٍ حفيٍّ بميزان العدالة لا يشيل
فسبحان الذي أعطاك فهمًا وإدراكًا تحار له العقول
وكنتَ مع الجميع أبًا رحيمًا يُحب الخير ليس له بديل
لقد فقدوا بفقدك كنز علم وفقه ليس يعوزه الدليل
فكم جالت بأنفسنا هموم فكنتَ شفاءها مما يجول
كم ضاقت على قومٍ سبيل فكنتَ لها وتنفرج السبيل
وحررتَ العلوم لطالبيها وأنشأتَ المآثر تستطيل
وقد أعطيتَ من كفٍّ كريم نبيل لا أشلَّ ولا بخيل
فأنت نسيج وحدك في البرايا وهل لفرائد الدنيا مثيل؟
جزاك الله عنا كلَّ خير وغشى قبرك الغيب الهطول
مآل الحي يومًا أن يُوارى وغاية شمسنا يومًا أُفول
ولو كان الخلود لمن أردنا لكان أحقّ بالخلد الرسول[1]
  1. سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1441- 1444).