بقية السلف وحامل هموم المسلمين

د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز الربيعة
المشرف العام على مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمنطقة الشرقية
 
إن المصاب بوفاة فقيد العلم سماحة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز جلل، والحزن كبير، وذلك بسبب ما يكنه أهل هذه البلاد من طلبة علم وعامة من محبة ومودة لسماحته، ولا غرو أن نجد أبناء هذه البلاد يعزِّي بعضهم بعضاً؛ لأن كلاً منهم حكاما ومحكومين يرون أنه يجب عليهم أن يعزّوا، ولشدة حزنهم يرون أنهم يحتاجون إلى من يواسيهم ويعزيهم، وقد سبقني أقلام كثيرة في الكتابة عن الشيخ دافعها الحب والإخلاص والحزن بوفاته، فأحببت أن أشارك قياماً بالواجب نحو هذا الإمام القدوة، وما أحب أن ألفت النظر إليه هو مسألتان:
  • أولاهما: أن سماحة الشيخ يمثل بقية السلف، فإن جالسته أو قابلته بدى لك - من حرصه على السنة والاتباع مع روح منفتحة بسماحة الإسلام - إنك تجالس وتقابل واحداً من سلف الأمة: في منهجه في الدعوة، وسعة صدره، وتعامله مع المخالفين، وشفقته ونصحه، وفي تعظيمه لحرمات الله ولحق ولاة الأمر، وحرصه على نشر هذا المنهج بين طلبة العلم، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.
  • والثاني: هو حمله هموم المسلمين في كل مكان، ولا أبالغ إذا قلت بأنه ما من مركز إسلامي ولا جمعية خيرية ولا مشروع بر ولا جماعة دعوة إلا وتنظر للشيخ على أنه الأب الشفوق الذي يستطيع أن يسع هؤلاء كلهم بحبه أولاً، وبحلمه وعلمه ثانياً، وثم يسعهم جميعاً بشفاعته لدى الولاة والموسرين من أهل الخير في تنفيذ مشروعاتهم وبناء مراكزهم ومساجدهم ونشر كتب العلم بينهم، أما الندوة العالمية للشباب الإسلامي فكان لها في قلبه - رحمه الله - مكانة طيبة، وها هي خلال سبعة وعشرين عاماً مضت تكتب له تطلب منه التزكية والشفاعة والتعضيد لبناء المساجد والمراكز الإسلامية ونشر الكتاب الإسلامي باللغات المختلفة؛ فكان - رحمه الله - لايتردد في ذلك، بل ويسعد بأن يقضي الله على يديه أمراً أو يفرج الله على يديه كرباً، وما فتاواه وكتاباته وحثه على دعم لجان الندوة المختلفة كالشيشان وكشمير وفلسطين وغيرها إلا نموذج من ذلك - رحمه الله - وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدم حسنات مضاعفة له عند الله .. آمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. [1]
  1. جريدة الجزيرة، الجمعة6 صفر 1420هـ .