موقفه من محاولة التقريب بين الإسلام والملل الأخرى

نشرت جريدة المدينة في عددها: 5785، بتاريخ: 10 ربيع الآخر 1403هـ ردودًا لبعض الكُتَّاب على أسئلة مجلة (لوفينا روما فزين) وكان من ضمن هذه الردود ما كتبه أحد الكُتَّاب حول التقريب بين الإسلام والمسيحية وأنهما دينان منزلان يعتقدان في إله واحد لذلك يجب تفادي أي تصادم بينهما. [1]
وعندما اطلع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على كلام هذا الكاتب ما كان منه إلا أن قام بالرد على هذا الزعم وتوضيع الحق حتى لا ينخدع الناس بهذه الكلمات البراقة، فكتب بيانًا جاء فيه:
"نظرًا إلى ما في هذا الكلام من الغلط الواضح والإجمال وجب على أمثالي التنبيه على ما وقع في هذا الكلام من الأخطاء المخالفة للشرع المطهر". [2]
ثم بدأ ينقد هذا الزعم الذي ادعاه هذا الكاتب ويوضح خطورة الدعوة للتقريب بين الإسلام وغيره من الملل، فقال:
"إن الصراع بين الإسلام وبين الأديان الباطلة كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها لم يزل قائما من حين بعث الله نبيه محمدًا ﷺ إلى يومنا هذا، فالإسلام يذم اليهود والنصارى ويعيبهم بأعمالهم القبيحة ويصرح بكفرهم تحذيرا للمسلمين منهم".[3]
وأوضح سماحته من خلال هذا البيان الذي رد به على هذه الدعوة أن اليهودية والنصرانية قد أصابهم التحريف والتبديل، فقال:
"واليهود كانوا على شريعة التوراة وبعد ما توفي موسى غيروا وبدلوا وحرفوا وانقسموا على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهم أتباع موسى ، ولما بعث الله عيسى بشريعة التوراة وأنزل الله عليه الإنجيل وأحل الله لهم بعض ما حرم عليهم وبين لهم بعض ما اختلفوا فيه كفر به اليهود وكذبوه وقالوا إنه ولد بغي، فكذبهم الله بذلك وكفرهم ... وهكذا النصارى بعد ما رفع عيسى إلى السماء اختلفوا في ذلك على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي آمنت بموسى وعيسى وبجميع الأنبياء والرسل الماضين، ولما بعث الله نبيه محمدا ﷺ كفر به اليهود والنصارى جميعا وكذبوه إلا قليلا منهم فصاروا بذلك كفارا لتكذيبهم لمحمد ﷺوإنكارهم رسالته، وذمهم الله وعابهم على ذلك وتوعدهم سبحانه بالعذاب والنار، وكفر سبحانه اليهود أيضا لقولهم العزير ابن الله كما كفر النصارى لقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم وبقولهم إن الله ثالث ثلاثة وبقولهم المسيح ابن الله. فوجب على أهل الإسلام أن يكفروا من كفرهم الله ورسوله وأن يبينوا باطلهم وأن يحذروا المسلمين من مكائدهم لأن دين اليهودية ودين النصرانية أصبحا دينين باطلين لا يجوز التمسك بهما ولا البقاء عليهما؛ لأن الله نسخهما ببعث محمد ﷺ وإيجابه على جميع الثقلين اتباعه والتمسك بشريعته". [4]
ثم أنهى سماحته هذا البيان بقوله: "بما تقدم يُعلم أيضا أنه لا يجوز أن يقال عن الإسلام والنصرانية ما أطلقه الكاتب بقوله: (وبالتالي يجب علينا أن نتفادى كل تصادم بين دينينا الكبيرين) لأن النصرانية ليست دينا لنا وإنما ديننا الإسلام فقط، وأما النصرانية فقد سبق أنها دين باطل وما فيها من حق فقد جاءت به شريعة محمد ﷺ أو بما هو أكمل منه، فالمسلمون يأخذون به لكونه من الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمدا ﷺ لا لأنه جاء في التوراة أو الإنجيل بل لأن شرعنا الإسلامي جاء به ودعا إليه، وهذه كلمة موجزة أردت بها التنبيه على ما وقع في كلام هذا الكاتب من الغلط خشية أن يغتر به بعض الناس، وذلك من النصح الذي أوجبه الله على المسلمين وعلى أهل العلم بوجه أخص". [5]
وفي الختام دعا سماحته لنفسه وللكاتب ولسائر المسلمين، فقال:
"وأسأل الله أن يوفقنا والكاتب وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والنصح له ولعباده، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ومن القول عليه أو على رسوله بغير علم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين". [6]
  1. ينظر: مجموع فتاوى ابن باز للشويعر (41/3).
  2. المصدر السابق (41/3).
  3. المصدر السابق (41/3).
  4. المصدر السابق (43/3).
  5. المصدر السابق (48/3).
  6. المصدر السابق (48/3).