ما صحة أثر: «أسألك بمعاقد العز من عرشك...»؟

السؤال:
سائلة تقول: إنها معذبة... لها سؤال لقد روي عن رسول الله ﷺ هذا الحديث عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال: اثنتا عشر ركعة تصليها من الليل أو النهار وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك فاثن على الله ، وصلِّ على النبي ﷺ، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك ثم سلم يمينًا وشمالًا ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيجابون رواه الحاكم.
وقال: قال أحمد بن حرب قد جربته فوجدته حقًا، وقال إبراهيم بن علي الديبلي: قد جربته فوجدته حقًا، وقال أبو زكريا: قد جربته فوجدته حقًا، قال الحاكم، قد جربته فوجدته حقًا، تفرد به عامر بن خداش وهو ثقة مأمون، قال المصنف عامر: هذا شيخنا أبو الحسين هو نيسابوري صاحب مناكير، وقد تفرد به عمر بن هارون البلخي وهو متروك منهم أثنى عليه ابن مهدي وحده فيما أعلم انتهى.
والسؤال هل هذا الحديث صحيح فإني معذبة للشك فيه؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن هذا الحديث ليس بصحيح بل هو موضوع ومكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد نبهنا على ذلك من مدة طويلة، وكان صاحب كتاب (الدعاء المستجاب) قد ذكره في كتابه وهو كتاب لا يجوز الاعتماد عليه، وصاحبه ليس من أهل العلم؛ ولهذا نبهنا على هذا من مدة طويلة، وبيَّنا أن هذا الكتاب لا يجوز الاعتماد عليه وأن هذا الحديث موضوع، وقد كتبنا ما أتمَّ الله في ذلك.
فيجب تنبيه القراء على كذب هذا الخبر وعلى عدم الاعتماد على هذا الكتاب، وهو كتاب الدعاء المستجاب؛ لما فيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولا ينبغي لأحد أن يظن أن هذا الحديث صحيح، بل هو مكذوب وليس بصحيح عن النبي ﷺ، وقد ثبت عنه ﷺ أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، وهذا فيه قراءة في الركوع والسجود، وعمر بن هارون الراوي كذاب لا يعتمد على روايته، وهكذا من قبله عامر بن خداش.
المقصود: أن الحديث موضوع ومكذوب لا يعتمد عليه، وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: من صلّى ثنتي عشر ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة ثم بينها في رواية الترمذي رحمه الله قال: أربعًا قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح[1]، وهذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي ﷺ، ومن حافظ عليها بنى الله له بيتًا في الجنة، يصلي أربعًا قبل الظهر بتسليمتين، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد صلاة العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح. هؤلاء الركعات هي التي شرعها الله ، ورتَّب عليها ما رتَّب من الخير العظيم.
أما هذه الركعات التي جاءت في حديث عمر بن هارون عند الحاكم فقد عرفت أيتها السائلة أنه حديث موضوع مكذوب، ولا ينبغي لك أن تكوني معذبة، بل كوني مطمئنة، اتقي الله وراقبي الله واعملي بشرع الله ودعي عنك الوساوس والتعلق بالأحاديث الموضوعة والمكذوبة والضعيفة، ففيما شرع الله كفاية وغنية.
أما ما ابتدعه الناس وما كذبه بعض الناس فيجب الحذر منه والتمسك بالدين ليس بعذاب، بل التمسك بالدين هو الراحة وهو الطمأنينة وهو الخير العظيم المعجل وفي الآخرة أعظم وأعظم؛ لأن الراحة في الآخرة هي أكبر وهي الفوز العظيم.
فلا ينبغي أن تكوني معذبة، بل كوني مطمئنة وكوني مرتاحة بفعل ما شرع الله وترك ما حرم الله والإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتهليله واستغفاره والتوبة إليه، وأبشري بالخير ودعي عنك الوساوس والتحرج الذي يوقعك في التعذيب والتعب، ولكن اشرحي صدرك لدين الله وتمسكي بشرع الله، وأكثري من قراءة القرآن، ومن ذكر الله وتسبيحه وتحميده واستغفاره والتوبة إليه، واعملي بما شرع الله من العبادات، وأبشري بالخير وأبشري بالراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، والسعادة والراحة في الآخرة أكبر، رزقني الله وإياك الاستقامة والبصيرة في الدين مع حسن الختام[2].
  1. أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدها برقم 728، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلّى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة برقم 414. 
  2. من برنامج نور على الدرب الشريط 842. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 26/353)
فتاوى ذات صلة