الجمع بين: «من أحب أن يبسط» وقوله: {إذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ}

السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: أحمد عوض السيد عبدالقادر سوداني مقيم في الطائف، أخونا يسأل ويقول: في حديث عن رسول الله ﷺ، رواه أنس قال: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه وأنا أعلم أن هناك آيات من القرآن من بينها: إذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] كيف نوفق بين هذه الآية وبين ما في ذلكم الحديث؟

الجواب: لا منافاة بين الحديث والآيات، فكون الإنسان يبسط له في الرزق وينسأ له في الأجل بسبب صلة الرحم أو بسبب بر الوالدين لا يمنع قوله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11] فالمعنى: أن الله جل وعلا يجعل صلة رحمه وبر والديه من أسباب تأخير أجله في الأزل السابق والقدر السابق، فالله جل وعلا يعلم أن هذا يصل رحمه ويبر والديه، فلهذا أجل له زيادة في العمر، وفسح له في العمر، وذاك يقطع رحمه ويعق والديه فلم يفسح له في العمر وجعل عمره كذا لحكمة بالغة، وقد يطول عمر هذا العاق وعمر هذا العاصي ويعجل أجل المطيع لأسباب أخرى وحكمة بالغة من الله ، وفي الحديث الصحيح: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر يعني: بر الوالدين.
فهو من جنس حديث أنس: من أحب أن يبسط له في رزقه يقول النبي ﷺ: من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أجله فليصل رحمه وصلة الرحم وبر الوالدين وكثرة الدعاء في طول الحياة على خير من أسباب تأخير الأجل، فيما مضى في علم الله، ليس معناه أن هذا قد كتبه الله يموت في كذا ثم أخر، لا المقصود أن الله جل وعلا جعل بر هذا لوالديه، وصلته لأرحامه، وكثرة دعائه من أسباب تأخير أجله الذي مضى به علم الله، فعلم الله لا يتغير ، ولا يعقبه جهل ، ولا يسبقه جهل، بل علم الله شامل ، لا يعتريه جهل ولا نقص، فهذا إذا جاء أجله تمت حياته والآخر كذلك، والآخر كذلك، وكلٌ له أسبابه، هذا أطيل في أجله لبره وصلة رحمه وكثرة دعاءه، وهذا عجل له الأجل لأسبابٍ أخرى، وهذا مد له في الأجل لأسبابٍ أخرى، فربك حكيم جل وعلا، وليس هناك منافاة بين الأسباب؛ لأن الآجال معلقة بأسبابها، والأرزاق معلقة بأسبابها، والله هو المقدر لهذا ولهذا .
 
فتاوى ذات صلة