نصيحة حول انشغال الناس بمنافسات الرياضة

السؤال:

سؤاله الثالث في هذه الحلقة، يسأل سماحة الشيخ ويقول: ظهرت في زماننا هذا ظاهرة الهوس الرياضي والأمراض الرياضية بأنواعها المختلفة، وبصورة لهت كثيرًا من المسلمين شيبًا وشبابًا عن التمسك بالأصالة الإسلامية، وبالخلق الإسلامي القويم، فالرياضة الكروية بالذات -وعلى أنواعها- هي حديث المستيقظ والنائم في أحلامه، فنحن نجد الدور التي شيدت لها والأجهزة المختلفة التي ترعاها، وجمعت لها الأموال، وكرم الرياضيون الذين بذلوا الجهد في النهوض بالرياضة، وترقية الأداء كما يقولون، فالناس في تشجيعهم فرقًا وطوائف، فهذا يشجع فريق كذا، وهذا يشجع فريق كذا، وهكذا وهكذا، حتى في أفراد الأسرة الواحدة، وفي التشجيع والانتماء إلى الفرق حساسيات وكراهية وتفرقة، وقلوب مليئة بالحقد، وآراء لا تلتقي حول نقطة واحدة، ولا طائل من وراء ذلك أبدًا، وأسئلتي تدور حول ما يلي:

ماذا عن كل ما ذكرت؟ ماذا عن الذين يدفعون نقودهم لمشاهدات المباريات الرياضية؟ وما الحكم على أولئك الذين اتخذوا الرياضة مصدر رزق لهم: كالحكام والمدربين واللاعبين، ثم تخصيص جزء من دخول المباريات لتشييد مسجد، هل يعتبر عملًا من أعمال الخير؟

وما هي نصيحتكم لأولئك الفتيات الكاسيات العاريات اللائي يمارسن أنواعًا مختلفة من الرياضة وسط جمهور المشاهدين، وهن بزيهن الرياضي المحزق -فيما يبدو- أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بمعالجة هذه الأمور، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

لا شك أن هذا الأمر من المصائب العظيمة التي بلي بها الناس، وصار لهم فيها اهتمام كبير، وعناية عظيمة، وربما ترتب على ذلك إحن وأحقاد وخصومات كثيرة، كما أشار السائل، وربما ترتب على ذلك إضاعة الصلوات، وظهور كثير من العورات، وفساد كبير في المجتمع، فإلى الله المشتكى .

ونصيحتي لهؤلاء الذين أشرت إليهم -وهم اللاعبون- نصيحتي لهم أن يتقوا الله، وأن لا تشغلهم هذه الرياضة عما أوجب الله، وأن لا تجرهم إلى الشحناء والعداوة والخصومات، فمن لعبها من غير أن تشغله عن صلاة، ولا عن واجب، ولا أن تجره إلى الشحناء، مع إخوانه والفتن، ولا أن تجره إلى ظهور العورة، أو الاختلاط بالنساء؛ هذا لا حرج فيه في الأصل؛ لأنه لعبة ليس فيها حرج إذا سلمت من هذه الشرور، ولا يكون فيها مال.

أما إذا كانت تجر إلى إضاعة الصلوات كما هو الغالب، وإلى ظهور العورات، وإلى مساعدات مالية؛ هذا كله حرام، وكله منكر، وكله لا يجوز، بل يجب القضاء عليه، ويجب على ولاة الأمور منعه، سدًا لباب الفتن، وحماية للقلوب من الفساد، وحماية للعورات، وإعانة لهؤلاء على أداء الصلوات، والمحافظة على الأخلاق الفاضلة، والبعد عن ظهور العورات التي حرم الله ظهورها، وأشد من ذلك وأخبث ما يقع من النساء، كذلك لا يجوز لا بين الرجال -فيما يقع من الاختلاط- ولا فيما يقع منهن من إظهار الزينة والفتنة والتبرج، ولا فيما يقع من أخذ الأموال في ذلك، كل ذلك منكرات يزيد بعضها بعضًا في الشر والفساد.

ولا شك أن هذا نشأ عن ضعف الدين، وقلة العلم، وكثرة الفراغ الذي لا يجدون ما يسدون به فراغهم؛ فلهذا شغلوا بهذه الرياضة وأشباهها عما ينفهم في الدين والدنيا، وشغلوا بها عن التفكير في المصالح العامة، وعما ينفع مجتمعهم في دينه ودنياه، حتى وقع ما وقع من الشرور التي بلي بها الكثير منهم؛ فنسأل الله أن يهديهم ويوفقهم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعًا، وأن يوفقهم لما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ولما يشغل أوقاتهم بما يرضيه، ويصلح أحوال القلوب والأعمال، وأن يعيذهم من هذه الرياضات الضارة التي تضرهم، وتضر مجتمعهم في دينه ودنياه، ونسأل الله السلامة والعافية من كل سوء.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة