الدعوة إلى تبصير الناس حقيقة كلمة التوحيد

السؤال:

نريد من سماحتكم أن توجهوا نداءً للناس تبينوا فيه أهمية الدعوة إلى الله، وتبصير الناس بمعنى لا إله إلا الله؟

الجواب:

في كتاب الله العظيم الكفاية العظيمة، والدعوة إلى هذا الحق العظيم، فقد دعاهم مولاهم سبحانه في كتابه العظيم في آيات كثيرة إلى أن يعبدوه وحده، وهكذا الرسول ﷺ دعاهم إلى ذلك بمكة والمدينة، مدة ثلاث وعشرين سنة، يدعو إلى الله ويبصر الناس بدينهم، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]، وقال سبحانه: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، وقال جل وعلا: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3]، وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14]، قال : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19].. في آيات كثيرات، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5].

وقال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: من مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار وقال عليه الصلاة والسلام: من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار.

فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين أن يعبدوا الله وحده، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، وأن يشهدوا أن محمدًا رسول الله، وأن يخصوا الله بدعائهم وخوفهم ورجائهم واستغاثتهم وصومهم وصلاتهم وسائر عباداتهم، وهكذا طوافهم بالكعبة، يطوفون بالكعبة تقربًا إلى الله وعبادة له وحده ، وأن يحذروا دعوة غير الله من أصحاب القبور أو الأصنام أو الأنبياء أو غير ذلك، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز لأحد أن يصرفها لغيره .

والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فالصلاة عبادة، والصوم عبادة، والصدقة عبادة، والحج عبادة، وخوف الله عبادة، ورجاؤه عبادة، والنذر عبادة، والذبح عبادة، وهكذا، يجب أن تكون لله وحده، فلا يذبح إلا لله، ولا يصلي إلا لله، ولا يسجد إلا لله، ولا يكون الخوف خوف السر خوف القلوب إلا من الله ، وهكذا لا يستغيث إلا بالله، ولا يطلب المدد إلا منه ؛ لأنه خالقه وربه ومعبوده الحق ، وقد بعث الله الرسل كلهم بذلك، من أولهم إلى آخرهم، من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم يدعون الناس إلى توحيد الله، كما قال : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].. وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وكان يقول ﷺ لأهل مكة: يا قوم قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا.

هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء، من العجم والعرب، من الجن والإنس في جميع أرض الله، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، وأن يخصوه بالعبادة ، وأن لا يعبدوا معه سواه لا صنمًا ولا نبيًا ولا ملكًا ولا جنيًا ولا شجرًا ولا غير ذلك.

العبادة حق الله وحده وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، هذا هو الواجب على جميع المكلفين من جن وإنس، من عرب وعجم، من ذكور وإناث، من ملوك وعامة، يجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده، وأن يخصوه بدعائهم وخوفهم ورجائهم وتوكلهم واستغاثتهم ونذورهم وذبحهم وصلاتهم وصومهم ونحو ذلك، كما قال : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36] .. وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] .. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] .. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]، لكن خوف الإنسان ما يضره، واتخاذ الأسباب، هذا غير داخل في العبادة، فخوفه من اللص حتى يغلق الباب، ويتخذ الحرس، لا حرج في ذلك، كما قال الله عن موسى عليه السلام لما خاف فرعون قال: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ [القصص:21]، يعني: خائف من شر فرعون .

فخوف الأمور الحسية، وخوف الظلمة، واتخاذ الأسباب، هذا غير داخل في العبادة، فإذا خاف من اللصوص وأغلق بابه، أو جعل حارسًا على ماله، أو خاف حين سفره من اللصوص أو من قطاع الطريق، وحمل السلاح، وسلك الطريق الآمنة، كل هذا لا بأس به.

وهكذا إذا خاف الجوع أكل، خاف الظمأ شرب، خاف البرد لبس ما يدفئه، وما أشبه، هذا كله أمور حسية معروفة، لا حرج فيها، وهكذا إذا استعان بأخيه في مزرعته، في إصلاح سيارته، في بناء بيته، هذه أمور عادية غير داخلة في العبادة، كما قال تعالى: فاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] يعني: موسى، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق، فالتصرف مع المخلوق الحي الحاضر في أشياء يقدر عليها من تعاون في بناء في مزرعة في جهاد في غير ذلك، هذا غير داخل فيما يتعلق بالعبادة.

لكن دعاؤه وهو ميت، دعاء الشجر، دعاء الصنم، دعاء الجن، دعاء الملائكة، دعاء الأنبياء يستغيثه، هذا هو الشرك الأكبر، أو دعاء الحي في أمور لا يقدر عليها، يعتقد فيه أنه له تصرف في الكون، كما يفعل بعض الصوفية مع مشايخهم، يدعونهم مع الله، ويعتقدون فيهم أن لهم تصرفًا في الكون، وأن لهم سرًا يستطيعون معه أن يعلموا الغيب، أو ينفعوا الناس بما لا يقدر عليه إلا الله ، هذه أمور شركية، حتى مع الأحياء نسأل الله السلامة، والله ولي التوفيق. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وتقبل منكم.

فتاوى ذات صلة