وقت صلاة الضحى وقيام الليل

السؤال:

يسأل عن صلاتي الضحى، وصلاة الليل فيقول: ما هو وقت صلاة الضحى بالساعات؟ وهل يجوز أن نصلي صلاة الليل في أول الليل بعد صلاة العشاء إذا لم نستطع صلاتها في آخره؟ 

الجواب:

صلاة النهار في الضحى، وفي الظهر كلها وقت صلاة، بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، نحو ربع ساعة، بعد طلوع الشمس إلى زواله، إلى وقوف الشمس قبل الظهر، بنحو ثلث ساعة، أو ربع ساعة؛ لأن وقوف الشمس وقته قصير، وهو توسطها في كبد السماء قبل أن تميل إلى المغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف وقت نهي، والضحى كله وقت صلاة.

والأفضل عند شدة الضحى، إذا اشتد الضحى يكون أفضل قبل الظهر بساعة، أو ساعتين، هذا أفضل ما يكون لصلاة الضحى.

وإذا صلى بعد العشاء إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل كان هذا أفضل، النبي ﷺ أوصى أبا هريرة، وأوصى أبا الدرداء بالإيتار قبل النوم، والظاهر -والله أعلم- أنهما كانا يخشيان ألا يقوما من آخر الليل؛ لأنهما يدرسان الحديث في أول الليل، فإذا أوتر الإنسان أول الليل؛ فهو أفضل إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل.

أما إذا طمع أن يقوم آخر الليل ووثق من نفسه أنه يقوم؛ فالوتر في آخر الليل أفضل، كونه يؤخر إلى آخر الليل، هذا هو الأفضل؛ لقول النبي ﷺ: من خاف ألا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل؛ فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل رواه مسلم في صحيحه. ولقوله ﷺ: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني؛ فأستجيب له؟ من يسألني؛ فأعطيه؟ من يستغفرني؛ فأغفر له؟ حتى ينفجر الفجر.

وفي اللفظ الآخر يقول -جل وعلا-: هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من سائل؛ فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر؛ فيغفر له حتى ينفجر الفجر وهذا الحديث عظيم، حديث عظيم متواتر عن النبي ﷺ وهو نزول الرب -جل وعلا- آخر الليل في الثلث الأخير.

فينبغي لك يا عبدالله! أن تكون ممن يعبد الله هذا الوقت بالصلاة والاستغفار، وقراءة القرآن والذكر، وقت عظيم، الثلث الأخير، وهكذا جوف الليل، السدس الرابع كان يقومه داود، يقوم نصف الليل، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، يقوم السدس الرابع، والسدس الخامس، وهذا وقت عظيم أيضًا، جمع بين جوف الليل، وبين أول الثلث الأخير.

والله سبحانه رغب عباده في العبادة في هذا الوقت، والدعاء، والضراعة إليه -جل وعلا- فجدير بأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يتحروا هذا الوقت، وأن يجتهدوا في قيام الليل، ولاسيما في السدس الرابع والخامس، وفي جميع الثلث الأخير بالدعاء، والضراعة، والصلاة، والقراءة، والاستغفار كما أرشد إليه .

وهذا النزول يليق بجلال الله، ليس من جنس نزول المخلوقين، فهو نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزولهم  قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] وقال سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] وقال : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74] فنزوله يليق به، لا يشابه خلقه.

وهكذا استواؤه على عرشه، وهكذا رحمته وغضبه وضحكه، كله يليق بالله لا يشابه خلقه  وهكذا جميع الصفات كلها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه  عملًا بقوله -جل وعلا-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

وهذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، فالزمه يا عبدالله! الزم هذا القول، وعض عليه بالنواجذ، واحذر أقوال المبتدعة المحرفين لكتاب الله، المؤولين لصفات الله، أو المشبهين الله بخلقه، احذر أقوالهم فكلها باطلة.

والحق قول أهل السنة والجماعة، وهو قول أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، وهو قول الأنبياء جميعًا والرسل جميعًا، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن العظيم، والسنة المطهرة الصحيحة، وإمرارها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تأويل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

بل يجب أن نؤمن بها كما جاءت، ونمرها كما جاءت، مع الإيمان بأنها حق، وأن نزوله حق، وأن استواءه حق، وأن رحمته حق، وأن غضبه حق، وأن رضاه حق، وأن رحمته حق، وهكذا بقية صفاته، من يد وقدم وسمع وبصر وعلم وكلام، كلها حق، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه .

فكلامه ليس من جنس كلام خلقه، وغضبه ليس من جنس غضبهم، وضحكه ليس من جنس ضحكهم، ورضاه ليس من جنس رضاهم، وهكذا، كل صفاته تليق به لا يشابه فيها خلقه، لا يعرف كيفيتها إلا هو .

قال بعض الناس لمالك بن أنس، إمام دار الهجرة في زمانه، الإمام المشهور، والعالم العظيم -رحمه الله- قال له بعض الناس يا أبا عبدالله! يقول الله سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] فأطرق طويلًا، ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، يعني السؤال عن الكيفية بدعة.

فالاستواء معلوم وهو العلو، الاستواء هو العلو والفوقية فوق العرش، هو العلو فوق العرش، والارتفاع هذا معلوم، والكيف مجهول، كيف استوى؟ ما نعلم كيف استوى، لا نعلم كيف يرضى، كيف يغضب، كيف ينزل لا، لا نعلم، لكن نؤمن بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، نعلم أنه استوى على العرش، نعلم أنه يضحك ويرضى ويغضب، لكن لا نعلم كيفية ذلك، بل نقول كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] فهو سبحانه لا يماثل عباده في صفاتهم، ولا يعلم الناس كيفية صفاته، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة