كيفية صلاة الموسوس في طهارته وصلاته

السؤال:

بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات من ليبيا تقول: أختكم في الله (س. ل. ع) أختنا تسأل سؤالًا طويلًا تقول فيه: أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة، أعاني من كثرة الشك في طهارتي ووضوئي وصلاتي، فأنا أعاني من التفكير أثناء الصلاة، ولقد حاولت التغلب على هذه الأفكار، ولكن لم أفلح، فأنا أغتسل للصلاة الواحدة أكثر من ثلاث مرات، رغم هذا لا أستطيع التغلب على هذه الأفكار، وأحيانًا أعيد صلاتي عدة مرات، ولكن دون جدوى، وأحيانًا يصل بي الأمر للبقاء مدة ساعتي في الصلاة الواحدة، ثم تستمر على هذا الحال لتصف حالها -سماحة الشيخ- وتستفسر منكم كيف تتصرف؟ وبالذات في شهر رمضان؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

هذا من الشيطان، هذا العمل الذي أصابك من الوساوس، هذا كله من الشيطان، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200] فالإنسان يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول جل وعلا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۝ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6].

فالواجب عليك أن تعوذي بالله من الشيطان، وألا تخضعي لعدو الله، بهذه الوساوس، إذا دخلت في الصلاة؛ فصلي الصلاة التي شرعها الله، كبري أولًا، ثم استفتحي بقولك: (سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، هذا أفضل الاستفتاح، وإن استفتحت باستفتاح آخر مما صح عن النبي ﷺ؛ كفى.

ثم تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تقرئين الفاتحة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].. إلى آخرها، ثم تقرئين ما تيسر معها من السور والآيات، ثم تكبرين: الله أكبر، وتركعين في الهواء معتدلة، تضعي يديك على ركبتيك معتدلة، ورأسك حيال ظهرك، تقولي: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم)، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، ثم ترفعين رأسك، وتقولين: سمع الله لمن حمده، تقفين .... مرة واحدة، سمع الله لمن حمده مرة واحدة.

ثم تقفين مستقيمة تقولين: ربنا ولك الحمد، بعد الاستقامة والوقوف: (ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد)، وأنت واقفة مطمئنة خاشعة، وتضعين يديك على صدرك وأنت واقفة، قبل الركوع وبعده، وأنت واقفة، تضعين اليمنى على الكف اليسرى، على صدرك وأنت واقفة، قبل الركوع وبعده. 

ثم تنحطي للسجود، وأنت مكبرة: الله أكبر، تسجدين على الجبهة والأنف والكفين والركبتين وأصابع الرجلين، معتدلة، ترفعين بطنك عن فخذيك، معتدلة، وتقولين: سبحان ربي الأعلى، ترفعين ذراعيك عن الأرض، تعتمدي على الكفين في الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، تدعين الله -جل وعلا- في السجود، الرب -جل وعلا- يحب الدعاء في السجود.

ومن أسباب الإجابة: الدعاء في السجود، يقول النبي ﷺ: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء.. تقول: (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى)، (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره).. اللهم اغفر لي وارحمني.. اللهم أجرني من النار، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، اللهم أصلح قلبي.. تدعين الله بما تيسر.

ثم ترفعين وتقولين: الله أكبر، وتجلسين على رجلك اليسرى، تفرشي اليسرى، وتجلسين عليها، تنصبين اليمنى تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، وأنت مطمئنة.. اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني وعافني.. اللهم أصلح قلبي -لا بأس- وعملي.

ثم تكبرين: الله أكبر، تسجدين للثانية السجدة الثانية، تقولين فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، الأفضل ثلاثًا، أو أكثر، والواجب مرة، سبحان ربي الأعلى مرة واحدة، لكن كلما كرر فهو أفضل، وأقل الكمال وأدناه ثلاث، ثم تدعين ربك في هذا السجود مثل ما فعلت في السجدة الأولى، (اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره) كان النبي ﷺ يدعو بهذا الدعاء، وإذا دعوت بدعاء آخر، قلت: اللهم أصلح قلبي وعملي (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) اللهم اغفر لي ولوالدي؛ إذا كان الوالدان مسلمين، كله طيب في السجود.

ثم تكبرين قائمة للركعة الثانية، تسمين بالله، وتقرئين الحمد وما تيسر معها، ثم تركعين مثل الركوع الأول سواء، .... الركوع، وتطمئنين، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة، ورأسك حيال ظهرك، وتفرجين أصابعك على الركبتين، تجافين العضدين عن الجنبين، وأنت راكعة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، (سبحانك اللهم، ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، ولو مرة، الواجب مرة واحدة سبحان ربي العظيم، والتكرار ثلاثًا أفضل، وما زاد فهو أفضل، وتقولين مع هذا: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) مثل ما تقدم (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) وإذا قلت هذا طيب أيضًا في الركوع والسجود، كان النبي يقوله، عليه الصلاة والسلام.

ثم ترفعين قائلةً: سمع الله لمن حمده، مثل الرجل، سمع الله لمن حمده، وأنت رافعة من الركوع، وبعد الانتصاب تقولين: ربنا ولك الحمد، أو (اللهم ربنا لك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما من شيء بعد).

والواجب: ربنا ولك الحمد، والباقي سنة، ثم تنحطين مكبرة: الله أكبر .. السجود، مثل ما فعلت في الركعة السابقة، سجدتين، في كل سجدة تقولي: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعين الله فيها، وتجلسين بينهما جلسة مطمئنة بين السجدتين، خاشعة مطمئنة على رجلك اليسرى، تنصبين اليمنى، تقولي: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ثم بعد الرفع من السجدة الثانية: تجلسين للتشهد الأول، تقرئين التحيات، تعلمينها وتدرسينها: (التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمًدا عبده ورسوله) الرجل والمرأة يقول هذا، على الرجل والمرأة جميعًا (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).

هكذا علم النبي الأمة -عليه الصلاة والسلام- علم أمته هذا التشهد، والأفضل أن تصلي على النبي: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ؛ إنك حميد مجيد) كالرجل سواء، ثم تقومين للثالثة: في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تقومين للثالثة، وإن قمت قبل الصلاة، بعد قولك: (أشهد أن محمدًا عبده ورسوله)؛ كفى، والرجل كذلك، لكن الأفضل الإتيان بالصلاة على النبي ﷺ في هذا التشهد.

ثم القيام إلى الثالثة، تقومين مكبرة رافعة يديك ... عند القيام إلى الثالثة، كما ترفعين عند الإحرام عند التكبيرة الأولى، وعند الركوع، وعند الرفع منه، ترفعين يديك، مثل الرجل، تقولين عند الرفع: الله أكبر، عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، رافعة يديك عند التكبير، وعند التسميع ... حمده إذا رفعت من الركوع، عند قولك: سمع الله لمن حمده؛ تكوني رافعة يديك كالرجل، وعند القيام إلى الثالثة من التشهد الأول، ترفعين يديك مكبرة: الله أكبر، رافعة يديك كالرجل، ثم تكملين الصلاة، إن كانت أربع؛ صليت الثالثة والرابعة، تقرئين الفاتحة فقط، تكفي الفاتحة.. الحمد، ثم بعد كمال الرابعة، تأتين بهذا التشهد: (التحيات لله.. إلى آخره)، وتصلين على النبي ﷺ. 

ثم تقولين: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)، تدعين أيضًا بعد هذا الدعاء -كالرجل-: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار .. اللهم اغفر لي ولوالدي، إذا كان والداك مسلمين، اللهم أجرني من النار.. اللهم أصلح قلبي وعملي.. اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، كله طيب.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، كله طيب، كالرجل سواء، تدعين الله بما تيسر قبل السلام.

ثم تسلمين تسليمتين عن اليمين والشمال: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، هذا المشروع، وهذا التسليم لابد منه، فرض لابد منه، وبذلك تمت الصلاة.

وإياك والوساوس، إذا فعلت هذا؛ انتهى، لا تعيدين الصلاة، ولا تطاوعين الشيطان، ولا تعيدين القراءة، اعلمي أنه من الشيطان، إذا وسوس في قلبك أنك ما فعلت، قولي: كَذَبتْ. في نفسك، كذبيه بنفسك، بقلبك، لا تطاوعينه، كملي الصلاة، وانتهي منها، ولا تعيدينها.

ولا الوضوء، حتى الوضوء، إذا فرغت منه لا تعيدينه، ولا تطاوعي الشيطان، أنت تري أعضاءك قد غسلتيها والحمد لله، فالصلاة كذلك، إذا فعلت ما ذكرناه؛ فأنت قد صليت، واتركي الوساوس، ولا تطاوعين عدو الله بإعادة الصلاة، بل اعلمي أنك بحمد الله انتهيت، وأن عدو الله إذا قال لك: ما صليت، أو ما فعلت كذا؛ فهو كذاب، فاحذريه، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة، إذا أشغلك؛ قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تنفثي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو كنت في الصلاة، النبي ﷺ علم بعض الصحابة، جاءه بعض الصحابة قال: يا رسول الله! إن الشيطان قد لبّس علي صلاتي، قال: اتفل عن يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات قال الصحابي: ففعلت؛ فأذهب الله عني ما وجدت، زالت الوساوس.

فأنت، وهكذا غيرك من الناس من الرجال والنساء، الذين يصابون بالوساوس؛ عليهم أن يحذروا عدو الله، وأن يتعوذوا بالله من الشيطان، وألا يعيدوا وضوءًا، ولا صلاة، بل يكتفون بالمرة الواحدة، ولا يطاوعون الشيطان، إذا قال: ما فعلت، ما فعلت ، لا، يكذبه بقلبه، ويرغمه، ويستعيذ بالله من شره، ولا يطاوعه، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة. 

رزقنا الله وإياك الاستقامة، وأعاذنا وإياك من طاعة الشيطان، وأعاذنا أيضًا وجميع المسلمين من طاعة الشيطان. نعم.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة