هل يجوز الصلاة في المساجد التي فيها قبور؟

السؤال:
مع مطلع هذه الحلقة نعود إلى رسالة المستمع ابن دامري من كركوك حيث عرضنا بعد أسئلة له في حلقة مضت وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: أسألكم عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور، هل يجوز ذلك أو لا؟ وما هو السبب؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، لقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلعنهم على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، فدل ذلك على أن الصلاة عندها معصية كبيرة، والشيء الذي لعن الرسول ﷺ فاعله لا يصح، يكون معصية لا يصح ولا يقبل، ولقوله ﷺ: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأول أخرجه الشيخان في الصحيحين.
فالرسول ﷺ لعن من اتخذها مساجد، ونهى عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول ﷺ لعن من فعلها، ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك، وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم فيقع الشرك الأكبر، فإنه إذا بنى عليه مسجدًا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه المسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة يشفع لنا عند ربنا في كذا فيدعونه من دون الله.
وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضًا من اتخاذها مساجد لقول النبي ﷺ: وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدًا.
فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محل للصلاة ولا محل للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة، ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره ولا يبني عليه مسجدًا ولا قبة كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور، قال: أولئك يعني: النصارى إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور ثم قال ﷺ: أولئك شرار الخلق عند الله.
فأخبر أنهم شرار الخلق بأسباب بناؤهم على القبور واتخاذها مساجد والصلاة عندها، ثم قد يصورون الصور ويجعلونها فوقها زيادة في الفتنة، يصورون صورة صاحب القبر ويجعلونها على قبره، وفي مسجده حتى تكون الفتنة أعظم والصور قد لعن الرسول ﷺ فاعلها، في الصحيحين: أنه لعن ﷺ آكل الربا وموكله والمصور، هكذا رواه البخاري في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه لعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة ولعن المصور.
وقال عليه الصلاة والسلام: أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون، وقال ﷺ: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم.
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البناء على القبور واتخاذها مساجد أو تجصيصها أو جعل القباب عليها كل هذا منكر، تجعل ضاحية شامسة في المقبرة لا يبنى عليها شيء، ولا تجصص ولا يتخذ عليها الستور ولا قبة بل ضاحية، كما كانت قبور الصحابة في المدينة هكذا وفي مكة هكذا فهذا هو الواجب.
أما ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها فهذه بدعة منكرة ومحرمة والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا منقادين للشرع أن يهدموها ويزيلوها، والواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه جل وعلا. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا. 
فتاوى ذات صلة