المشروع عند اللقاء والسلام

السؤال: وهذه رسالة وردت إلينا من هيثم من الرياض، يقول الأخ هيثم في رسالته: ورد في تفسير الجلالين في صفحة ثلاثمائة وأربعة وعشرين، روى أنس بن مالك قال: قلنا: يا رسول الله! أينحني بعضنا إلى بعض إذا التقينا؟ قال: لا. قلنا: أفيعتنق بعضنا بعضاً؟ قال: لا. قلنا: أفيصافح بعضنا بعضاً؟ قال: نعم، وقال ﷺ: من سره أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار وكان ﷺ لا ينحنى له ولا تقبل يده مع السلام، وورد في كتاب تربية الأولاد في الإسلام تأليف عبد الله علوان، تحت عنوان: تقبيل يد الكبير، أخرج أحمد والبخاري في الأدب الصغير وأبو داود وابن الأعرابي عن زارع وكان في وفد عبد القيس، قال: لما قدمنا المدينة جعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي ﷺ ورجله وروى البخاري في الأدب المفرد عن صهيب قال: رأيت علياً يقبل يد العباس ورجليه انتهى الكلام المنقول من المرجعين المذكورين، السؤال: أي الأقوال هو الصحيح والواجب والسنة اتباعه في السلام، جزاكم الله خيراً؟

الجواب: أما الحديث الأول حديث أنس أنهم قالوا: يا رسول الله! يلقى أحدنا أخاه أينحني له؟ قال: لا. قال: فيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: فيصافحه؟ قال: نعم هذا الحديث ضعيف الإسناد عند أهل العلم، ليس بصحيح، ولكن معناه من جهة الانحناء صحيح، لا يجوز أن ينحني لأحد، فالسلام لا يكون بالانحناء لا للكبير ولا للصغير، ولكن يسلم وهو منتصب بغير انحناء، ويصافح، السنة المصافحة، فإذا كان القدوم من سفر فالسنة المعانقة، قال أنس في حديث آخر رواه الطبراني بإسناد جيد: كان أصحاب النبي ﷺ إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا وهكذا قال الشعبي عن أصحاب النبي ﷺ، وهكذا جاء في أحاديث أخرى، كان الصحابة يتلاقون ويتصافحون، وكانوا يصافحون النبي عليه الصلاة والسلام، فالسنة المصافحة عند التلاقي، وإذا عانق أخاه عند طول الغيبة أو عند القدوم من السفر فلا حرج في ذلك، وقد جاء في هذا أخبار كثيرة تدل على أنه لا بأس بالمعانقة ولا بأس بتقبيل ما بين العينين والرأس عند اللقاء، عند القدوم من السفر، ومثلها طول الغيبة لا حرج في ذلك، أما الانحناء فلا يجوز الانحناء.
وأما تقبيل اليد أو الرجل فالأفضل تركه، وقد ثبت أنه ﷺ قبله بعض أصحابه في بعض الأحيان قبل يده، بعضهم قبل قدمه، وثبت أن بعض اليهود قبلوا يده وقبلوا قدمه لكن هذا قليل، فإذا فعله المؤمن مع شيخه، أو مع الإمام الكبير، أو مع العالم، أو مع والده بعض الأحيان فلا بأس، أما اتخاذه طريقة متبعة فلا ينبغي بل يكره، وإنما ينبغي له أن يعتاد المصافحة، وإذا قبل يد العالم أو يد أبيه بعض الأحيان من غير اتخاذه عادة فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما الحديث الثاني وهو قوله ﷺ: من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار فهذا حديث صحيح، ولا يجوز للمؤمن أن يحب ذلك لنفسه، أن الناس يقومون له وينتصبون له تعظيماً له، لا يجوز له أن يحب ذلك، لكن إذا قام إليه أخوه وقابله وأخذ بيده وصافحه فلا بأس بذلك.
وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال للأنصار أو للصحابة جميعاً لما قدم سعد للحكم في بني قريظة: قوموا إلى سيدكم يعني: للسلام عليه والترحيب به، فالقيام إلى الشخص للترحيب به ومصافحته وإنزاله من دابته أو إنزاله في المجلس، كل هذا لا بأس به، وثبت أيضاً في الصحيحين أن طلحة بن عبيد الله التيمي ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة لما جاء كعب يوم تاب الله عليه ودخل المسجد والناس حول النبي ﷺ قام إليه طلحة يهرول، فصافحه وهنأه بتوبة الله عليه، ولم ينكر ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وكان النبي ﷺ يقوم إلى فاطمة إذا دخلت عليه، فيصافحها ويقبلها ويجلسها في مكانه، وكانت تقوم إليه إذا دخل عليها رضي الله عنها وتقبله وتأخذ بيده، كل هذا لا بأس به.
أما أن يقوم الناس قياماً تعظيماً للشخص عند الدخول فقط فلا ينبغي هذا، كان النبي ﷺ يكره ذلك، وكان الصحابة لا يقومون له لما يرون من كراهته لهذا عليه الصلاة والسلام، أما أن تقوم لمقابلته ومصافحته وإجلاسه في مكانك أو في مكان آخر مناسب، أو تصافحه وتنزله من دابته أو من سيارته وتساعده في ذلك، أو للترحيب به وتكريمه كل هذا لا بأس به. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة