حكم زكاة المال وصرفها لفقراء الأقارب من خارج البلد

السؤال:

المستمع جابر محمد محمود مصري بعث برسالة يقول فيها: إنني أعمل خارج بلدي، وبحمد الله استطعت أن أجمع مبلغًا لا بأس به من المال، وأحب أن أخرج الزكاة، لكني لا أعرف مقدار الزكاة الواجبة، ولا لمن تعطى، هل تعطى للمساكين المتجمعين أمام المساجد، أم للمحتاجين من الأقرباء؟ وهل يجوز لي أن أرسلها لمن أرى أنه يستحقها من أبناء بلدي خارج البلد الذي أعمل فيه؟ أرجو الإفادة عن هذه القضايا جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

أما الزكاة فهي ربع العشر بالنص عن الرسول ﷺ وبإجماع المسلمين، في مسألة النقود، وعروض التجارة، يعني: سهم من أربعين سهمًا، ربع العشر من الذهب والفضة، وما يقوم مقامها من العمل، وقيمة عروض التجارة كالسيارات والأراضي وأشباه ذلك تعرف القيمة، ثم بعد معرفة القيمة يكون فيها ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، وهكذا ربع العشر يعني: سهم من أربعين، هذا هو الواجب في النقود، وما يقوم مقامها من العمل الورقية، وهو الواجب أيضًا في عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي تعد للبيع من أراضٍ، أو سيارات، أو خام، أو حبوب، أو غير ذلك من الأمتعة، هذه يقال لها: عروض التجارة، إذا كانت معدة للبيع، يقال لها: عروض التجارة، فإذا حال الحول عليها وجبت الزكاة في قيمتها، ربع العشر .

فإذا كان عنده سيارات للبيع، وعند تمام الحول بلغت قيمتها مليونًا، زكى المليون، ربع العشر، خمسة وعشرين ألفًا من المليون؛ لأن عشر المليون مائة ألف، والربع خمسة وعشرون، هذا ربع العشر. 

وهكذا لو كان عنده أراضٍ تساوي مليونًا، أعدها للبيع إذا حال عليها الحول يزكي ربع العشر، يزكي ربع قيمتها، وإذا كانت تساوي مليونًا فيها خمسة وعشرون ألفًا، وإذا كانت تساوي مائة ألف فيها ألفان ونصف، ألفان وخمسمائة، وهكذا.

المقصود ربع العشر وهو سهم من أربعين سهمًا، هذه الزكاة في النقود من الذهب والفضة، وفيما يقوم مقامهما من العمل الورقية، وفي عروض التجارة وهي الأموال المعدة للبيع.

أما زكاة الحبوب والثمار فهذه نوع آخر. وهي نصف العشر فيما يسقى بالمؤونة كالمكائن والسواني، والعشر فيما يسقى بالمطر والأنهار الجارية، والبعل الذي على مطر، هذا يكون فيه العشر كاملًا. 

فإذا كان ألف كيلو تكون مائة كيلو، وهكذا، عشرة آلاف كيلو تكون ألفًا، الزكاة العشر، فيما يسقى بلا مؤونة، بلا كلفة بالأنهار، بالمطر، بالبعل كونه يبذر في الأرض، ويصلح على بذارة الأرض التي فيها الماء، من غير حاجة إلى مكائن، ولا سواني، ولا تعب، هذا فيه العشر كاملًا، لقول النبي ﷺ لما سئل عن ذلك: فيما سقي بالنضح نصف العشر، وفيما سقي بالأنهار العشر.

فالمقصود أن هذا هو الحكم فيما يسقى بالمؤونة، وبغير مؤونة، ما يسقى بالمؤونة من السواني والمكائن فيه نصف العشر، وما يسقى بلا مؤونة ولا كلفة فيه العشر كاملًا.

وأما الحيوانات فلها زكاة أخرى نوع آخر أيضًا، إذا كانت سائمة راعية من الإبل والبقر والغنم مفصلة في الأحاديث، وفي كلام أهل العلم.

والسائل إنما سأل عن النقود وهذا بيان النقود كما سمعت ربع العشر.

أما إخراجها فإنها تصرف في الفقراء والمساكين وغيرهم ممن سمى الله في قوله -جل وعلا-: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

فإذا كان في بلده فقراء من أقاربه، أو غيرهم هم أولى من غيرهم، الفقراء في البلد أولى من غيرهم، وإذا كانوا من الأقارب فهم أولى، صدقة وصلة، تعتبر في حقهم صدقة وصلة، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى فقراء خارج البلد، أو أقارب فقراء خارج البلد؛ لأنهم أشد حاجة، وأشد ضرورة، فلا بأس بنقلها على الصحيح، وهكذا لو نقلها إلى المجاهدين في أفغانستان، وفي أرض في فلسطين فلا بأس بذلك؛ لأنهم في حاجة، ونقلها إليهم فيه مصلحة عظيمة.

ومتى اجتهد صاحب الزكاة وفرقها في بلده، أو في فقراء خارج بلده من أقارب وغيرهم، فكل ذلك بحمد الله جائز والحمد لله، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، إنما سماحة الشيخ تفضلون إذا كان هناك أقارب فقراء تفضلون أن يكون الصرف عليهم؟

الشيخ: نعم إذا كان في البلد فقراء هم أفضل وأولى، وإذا كانوا أقارب فالصدقة فيهم أفضل أيضًا؛ لأنها صدقة وصلة رحم جميعًا، ولكن يجوز نقلها للمصلحة الراجحة، يجوز أن تنقل من بلد إلى بلد إذا كانت لمصلحة أرجح، لأقارب بعيدين أو لمجاهدين محتاجين، أو فقراء حاجتهم شديدة، فينقلها مثلاً من مكة إلى جدة، من الرياض إلى الخرج إلى الأحساء إلى أبها إلى غير هذا، نعم.

المقدم: بارك الله فيكم سماحة الشيخ يذكر الفقراء الذين يتجمعون على أبواب المساجد، وهؤلاء يغلب على حالهم أنهم اتخذوا السؤال صنعة، توجيهكم شيخ عبدالعزيز ؟

الشيخ: من أظهر الفقر والحاجة ..... ممن يعرف أنه كاذب يعطى، سواء كان ممن يتجمع حول المساجد، أو في أي مكان، من ادعى الفقر والحاجة والعلامة الظاهرة عليه، ولا يوجد ما يكذبه فلا بأس أن يعطى، والنبي ﷺ لما اشتكى إليه رجلان وطلبا منه الزكاة، ورآهما جلدين يعني: نشيطين، قال: إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب.

والإنسان قد يكون جلدًا، ولكن ما عنده مال، ما وجد... حرفة ولا وجد عملًا، فيعطى إذا أظهر الحاجة والفقر، ولا يوجد ما يدل على أنه كاذب يعطى؛ لأنه قد يكون صادقًا، ما وجد عملًا، ما حصل له شيئًا .

فالحاصل أن من أظهر الفقر والحاجة، وسأل ولا يوجد ما يدل على كذبه يعطى، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم. 

فتاوى ذات صلة