حكم من طلق زوجته ثم أرجعها بعد العدة

السؤال:

سؤاله الآخر يقول: طلقت زوجتي، والسبب أنها تخاصمت مع أمي، ولدي منها أربع بنات، ولما طلقتها سافرت من المغرب إلى فرنسا، ومكثت بها ما يزيد على سبعة أشهر، ثم عدت إلى بلدي، ووجدت بناتي في أسوأ حال، وأمي كبيرة في السن، لا تستطيع رعايتهم، فلما وجدت تلك الحالة السيئة استرجعت زوجتي إلى أبنائها، وأديت لها صداقها مرة أخرى، وهي الآن في بيتي، مع أولادها، فهل علي من كفارة؟ أو هل عملي هذا صحيح؟

أفيدوني، وفقكم الله.

الجواب:

إذا كان الطلاق طلقة واحدة أو طلقتين فإن العودة إليها بنكاح جديد لا بأس به، إذا كان الطلاق الذي وقع منك -أيها السائل- طلقة واحدة، قلت: أنت طالق، أو أنت مطلقة، ثم رجعت إليها بنكاح جديد؛ لأنها خرجت من العدة فلا بأس، أو كانت طلقتين، قلت: أنت طالق، أنت طالق، أو أنت مطلقة، أنت مطلقة، أو أنت طالق، ثم طالق، أو أنت طالق وطالق، تسمى طلقتين، يبقى لها واحدة.

فإذا راجعتها بعقد جديد فلا بأس، وهكذا لو قلت: أنت طالق بالثلاث على الصحيح يعتبر واحدة، خلاف قول الجمهور، الجمهور يمضونها ويحرمونها بهذا، لكن الصحيح أنه إذا قال: أنت طالق بالثلاث بكلمة واحدة، أو مطلقة بالثلاث، أو طلقتك بالثلاث بهذا اللفظ، أو بالكتابة تعتبر واحدة؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان الطلاق على عهد النبي ﷺ طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر قال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" أمضى عليهم الثلاث، يعني: بلفظ واحد.

هذا القول ذهب إليه الجمهور -رحمهم الله-، ولكن الصواب: أنه يحتسب واحدة، كما كان الحال في عهد النبي ﷺ، وعهد الصديق، وأول خلافة عمر يحسب واحدة إذا قال: هي مطلقة ثلاثًا، أو أنت طالق بالثلاث، أو كتب لها هذا، فهذا يكون طلقة واحدة على الصحيح، عملًا بحديث ابن عباس هذا.

أما إذا قال: أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق، فتحسب ثلاث؛ لأنه كررها، أو قال: أنت طالق وطالق وطالق، أو أنت مطلقة ومطلقة ومطلقة، أو ما أشبه ذلك، تحسب ثلاثًا، وإذا حسبت ثلاثًا لم تحل، حتى تنكح زوجًا غيره إذا حسبت ثلاثًا، فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر، نكاح رغبة، ما هو نكاح تحليل، إنما نكاح رغبة، ويطؤها، فإذا نكحها ووطئها ثم طلقها أو مات عنها حلت للأول. 

أما نكاح ليس فيه وطء لا يحلها للأول، أو نكاح بنية التحليل إنه يحلل للأول، فهذا نكاح باطل، لا ينفع، يسمى صاحبه التيس المستعار، ما يصلح، ولا يحلها للزوج الأول، فلا بد أن يكون الزوج الثاني زوجًا شرعيًا تزوجها للرغبة، ثم طلقها بعد الوطء بعد دخوله بها، أو مات عنها، فإنها تحل للأول بهذا النكاح الشرعي الذي فيه الوطء، وليس فيه نية التحليل، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

فتاوى ذات صلة